16

فبنوا حائطا فرسخا في فرسخ فكان فيه دهرا في لهوه ثم ركب يوما فإذا عليه حائط مصمت فقال: إني أحسب خلف هذا الحائط ناسا وعالما.

أخرجوني أزدد علما وألقى الناس.

فقيل ذلك لأبيه، ففزع، وخشي أن يتبع سنة إخوته.

فقال: اجمعوا عليه كل لهو ولعب ففعلوا ذلك به، ثم ركب في السنة الثانية فقال: لا بد من الخروج.

فأخبر بذلك الشيخ، فقال: أخرجوه فحمل على عجلة وكلل بالزبرجد والذهب وصار حوله حافتان من الناس فبينا هو يسير إذا هو برجل مبتلى فقال:

ما هذا؟.

قالوا: رجل مبتلى.

فقال: أيصيب ناسا دون ناس؟ أو كل خائف له؟

فقالوا: كل خائف له.

قال: وأنا فيما أنا فيه من السلطان؟!

قالوا: نعم.

قال: أف لعيشكم هذا عيش كدر!

فرجع مغموما محزونا.

فقيل لأبيه، فقال:

انشروا عليه كل لهو وباطل حتى تنزعوا من قلبه هذا الحزن والغم.

ولبث حولا كاملا، ثم قال:

صفحه ۱۵۲