Defense of the Sunnah and Reply to Orientalists' Suspicions
دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث
ناشر
مجمع البحوث الإسلامية
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٥ م.
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
وَسَلَّمَ -، وما كانوا يشاهدون من أفعاله وأحواله، وما كانوا يعلمونه من الظروف والملابسات التي قيلت فيها هذه الأحاديث، وما كان يشكل عليهم منها ولا يدركون المراد منه يسألون عنه الرسول ﷺ.
وقد بلغ من حرصهم على سماع الوحي والسُنن من رسول الله أنهم كانوا يتناوبون في هذا السماع، روى البخاري في " صحيحه " عن عمر ﵁ قال: «كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد (١)، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله ﷺ ينزل يومًا وأنزل يومًا فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك ...» (٢) الحديث.
وبذلك جمعوا بين خيري الدين والدنيا، فما شغلهم دينهم عن دنياهم ولا شغلتهم دنياهم عن دينهم.
وإذا علمنا أنَّ القرآن والسُنَّة استفاضا ببيان فضل العلم والعلماء، وأنَّ الصحابة كانوا يعلمون أنَّ السُنَّة هي الأصل الثاني للدين، وأنهم كانوا يُحِبُّونَ رسول الله أكثر من حُبِّهِمْ لأنفسهم، وأنهم كانوا يجدون في الاستماع إليه لَذَّةً وروحًا. وأنهم كانوا يعتقدون أنه ما ينطق عن الهوى إنْ هو إِلاَّ وحي يوحى، وأنهم كانوا يجدون فيما يسمعونه منه غذاء الإيمان وزاد التقوى (٣)، وأنه سبيل إلى الجنة (٤).
إذا علمنا كل هذا أدركنا مبلغ حرص الصحابة على استماع السُنن والأحاديث وأنَّ ذلك أمر يكاد يكون من المُسَلَّمَات البدهيات.
وكذلك عنوا بتبليغ السُنن لأنهم يعلمون أنها دين واجبة البلاغ للناس
_________
(١) أي ناحية بني أمية، سميت البقعة باسم من نزلها.
(٢) " صحيح البخاري " - كتاب العلم - باب التناوب في العلم.
(٣) كان الواحد منهم يقول لصاحبه وهو ذاهب إلى مجلس الرسول: «تَعَالَ نُؤْمِنْ سَاعَةً».
(٤) في الحديث الذي رواه مسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ».
1 / 19