الظاهر للمخاطبين أثناء الخطاب بقول النبي ﷺ لأزواجه لمّا سألنه: أيهنَّ أسرع لحوقًا به؟ "فقال رسول الله ﷺ: (أسرعكن لحاقًا بي، أطولُكُنّ يدًاقالت: فكنّ يتطاولن أَيتُهن أطولُ يدًا. قالت: فكانت أَطولُنا يدًا زينب؛ لأنّها كانت تعمل بيديها وتصَّدَّق) (^١) .
ما ذكره العلامة المعلمي ﵀ مرجوحٌ نظرًا. ووجه ذلك: استحالة أَن يخبر الشارع بأمر يَظْهر للسلف منه غير المراد، ويَعْزُب عنهم درك ظاهره الحقيقي، ولو كان الخبر وارادًا تبعًا لا بالقصْد الأوَّل للشَّارع؛ إذ يلزم من هذا القول لوازمُ باطلةٌ، منها: أَنَّ في ذلك تجويزَ أن يدلّ ظاهر الخبر على أَمر مناقضٍ للحقِّ في الواقع. هذا الأمر الأول.
والأمر الثاني: تجويز أن يعتقد السَّلف ما هو نقيض الحق في نفس الأمر، ولو في أمرٍ لا صلةَ له بالمقاصد الأصلية للشارع.
الثَّالث: أَنَّه على هذا القول لا يتأتَّى الجزم بالظاهر؛ لأنه مُناط بتصحيح الواقع المجهول؛ إذْ من المعلوم أن كثيرًا من المُكتشفات الطبعية يَدّعي ابتداءً أَصحابُها أنّها قطعيَّةٌ، مع كونها في الحقيقة نسبيَّة؛ لورود ما يَنْقضها ويَحِلّ مكانَها. فيبقى الظاهر الذي أخبر به من يَمْلك الحقيقة القطعية = مُعطَّلًا، ومُرْتَهَنًا لفوضى النَّظريات.
ومما يدل على مرجوحيَّة ما ذكره ﵀ تجويزه أن يُقرَّ النبيُّ ﷺ أصحابه على المعنى الظاهر المناقض للواقع، مع عِلْمِه ﷺ بأن ما ظهر لهم ليس هو الحق؛ لكون هذا الظاهر لا يضرّهم في دينهم، أو لكونه مما يَدِقّ على أَفهامهم! وفي ذلك يقول: (المعلم النَّاصح يتجنّبُ أن يَخْرج بالطالب في الدرس عن ذلك العلم. فهكذا النبي ﷺ كان يتجنّب