وقعة كوكبان:
وذلك أن الإمام -عليه السلام- أمر من دخل حصن كوكبان في الليل وعرف مواضع من جبله يطلع منها في الجبال ونحوها، فلما طلعه من يثق به مرارا طمع الإمام -عليه السلام- في أخذه وصوروا له ذلك، فأرسل محطة في الليل نحوا من ثلاثمائة، يأتون من الموضع التي صور له -عليه السلام- (وهو ما بين الحديدة والركن المطل على مدينة شبام وهو أصعب موضع في الجبل)(1) وأرسل محطة أخرى قريبا من ذلك ليأتوا من نهج الباب، فسار العسكر المأمورون إلى الموضع المصور في ليل شديد الظلمة فغلط بعضهم الطريق فلم يصلوا إلى الموضع المصور إلا بعد أن قد وصل أصحابهم إليه، وأرادوا [طلوع](2) الجبل ومعهم الأرشية(3) والآلات المعدة لذلك فصعب على أكثر العسكر طلوعه، واضطربوا اضطرابا شديدا، وأيقنوا بالهلاك فلم يصعد منهم إلا القليل، الذين لا يمكن مثلهم أخذ الحصن مع سعته وقوة من فيه[377].
روي أنهم كانوا نيفا وثلاثين، وذلك قبل طلوع الشمس القدر الذي أمكنهم فيه التيمم والصلاة والباقون من العسكر في موضع صعب تحتهم الحيد وفوقهم الجند فرآهم حرس الحصن قليلا(4) وهتفوا بالصوت ووقعت الواعية(5) العظيمة وانكشف أهل الحصن كشفة ظاهرة وظنوا أنهم أحيط بهم. فلما رأوهم [قليلا](6) قصدوهم، وكان فيهم فارسان، وقاتل المسلمون قتالا عظيما، فصرع منهم جماعة، وكثر الغز ومن معهم، فأنحاز المسلمون إلى طرف الحصن ظنا منهم أن أصحابهم الذين تأخروا عنهم قد صعدوا إليهم، فلما رآهم المتأخرون منهزمين في ذلك الموضع الوعر، انهزموا من حيثهم ورمى كل بنفسه وطار أكثرهم الحيد، فقليل من سلم ممن رمى بنفسه.
صفحه ۲۳۹