دولت اموی در شام
الدولة الأموية في الشام
ژانرها
ما علمهم بكثير العفو غفار
52
وكان بدء حياته السياسية انخراطه في سلك الشرطة، فترقى فيها لنشاطه وجلادته حتى أصبح رئيسا لشرطة عبد الملك حينما خرج لقتال مصعب بن الزبير في العراق، وقد أبدى من المهارة والإخلاص والتضحية في خدمة الأمويين ما دعا عبد الملك إلى إسناد قيادة الحملة الحجازية لتأديب ابن الزبير إليه، فجرى على سياسة الشدة والإرهاب، فأعدم المتخلفين من الجند والزعماء، فهابوه ونفذوا أوامره بتمامها، وكان يقدم الشجعان والمخلصين ويغمرهم بعطاياه، فصار له حزب من الجند يأتمر بأمره ويسعى لاكتساب رضاه، وولي بعد ذلك مندوبا ساميا للخليفة على الحجاز واليمامة، ثم انتقل لمثل منصبه في العراق، وبقي فيه نحوا من عشرين عاما، ساس خلالها البلاد بيد من حديد، فأخفت الثورات وأرسل الجيوش لفتح تركستان والهند - وسنصف الفتوح في حينها - وقد مات الحجاج سنة 95ه/713م وله من العمر أربع وخمسون عاما.
جاهد الحجاج في أعداء الأمويين جهادا عظيما، فقتل وأسرف في القتل، حتى ليقال إنه قتل صبرا مائة وعشرين ألفا ومائة وثلاثين ألفا،
53
وأحصي بمحبس الحجاج في واسط ثلاثة وثلاثون ألف إنسان لم يحبسوا في دم ولا تبعة ولا دين،
54
لسنا لنحاسب المؤرخين على هذه الأرقام الضخمة، لكننا نعتقد اعتقادا أكيدا أن الحجاج لم يتأخر عن إعدام المعارضين للأمويين ونفيهم وسجنهم، وصرح مرة أنه مستعد للتنكيل بكل من لا يطيع عبد الملك، فقال من خطاب له في البصرة: «اتقوا الله ما استطعتم، فهذه لله وفيها مثوبة، واسمعوا وأطيعوا فهذه لعبد الله وخليفة الله وحبيب الله عبد الملك بن مروان، والله لو أمرت الناس أن يأخذوا في باب واحد وأخذوا في باب غيره لكانت دماؤهم لي حلالا من الله»،
55
ويذكر الطبري: «لما قرأ عليهم - أهل الكوفة - كتاب عبد الملك قال القارئ: أما بعد، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله، فقال له - أي قال الحجاج للقارئ: «اقطع يا عبيد العصا»، أيسلم عليكم أمير المؤمنين فلا يرد راد منكم السلام، هذا أدب ابن نهية، أما والله لأؤدبنكم غير هذا الأدب، ابدأ بالكتاب فلما بلغ إلى قوله «أما بعد، سلام عليكم» لم يبق منهم أحد إلا قال: وعلى أمير المؤمنين السلام ورحمة الله.»
صفحه نامشخص