دولت اموی در شام
الدولة الأموية في الشام
ژانرها
والخلاصة أننا قد أسهبنا لك في وصف الأسباب التي دفعت ابن الزبير لمطاولة الأمويين وكفاحهم كفاحا مستمرا، أما سياسة الشدة التي اتبعوها فيما بعد فقد جعلت ابن الزبير وأمثاله يسقطون أمامهم الواحد إثر الأخر، وسنأتيك في الفصل التالي على إيراد أشكال هذه السياسة وتطوراتها. ا.ه.
الفصل الرابع
سياسة الشدة ومظاهرها
(1) الأمويون والشدة
أقدم الأمويون على اتباع سياسة الشدة والاتهام على الظنة بعد أن سادت الفوضى في الأقطار العربية وعمت الثورة مختلف الساحات الشامية والعراقية والحجازية، فلو أجلت نظرك في خارطة البلاد الإسلامية لرأيت أن الزعماء كانوا ينازعون المركزية الأموية نزاعا عظيما، ويسعون جهدهم للاستقلال والمحافظة على نفوذهم، فوطد ابن الزبير أركان دولته في الحجاز والعراق، وساعد التوابين وأنصار المختار والأزارقة، فراح هؤلاء جميعا يلقون بذور الفتنة من أقصى فارس إلى أقصى مصر، ويحرضون الناس على خلع الأمويين واستئصالهم، ولطالما سعوا لأن يضربوا آل أمية بعضهم ببعض، فأزهرت جهودهم وكادت تثمر لولا سياسة الشدة التي اتبعها عبد الملك بن مروان وولاته. (2) مظاهر سياسة الشدة
تظهر سياسة الشدة الأموية حسب اعتقادنا في مظاهر أربعة لا بد لنا من تفصيلها وبيان حقيقتها، فالمظهر الأول هو بطش عبد الملك بن مروان بالزعماء الشاميين وعلى رأسهم عمرو بن سعيد بن العاص، أولئك الذين أرادوا الاحتفاظ بحقوقهم السياسية وابتغوا تحطيم التاج المرواني بأية وسيلة ممكنة.
وأما المظهر الثاني فهو الانتقام من الزبيريين وأحزابهم انتقاما هائلا يريك أن المصلحة السياسية لا ترحم صديقا ولا تشفق على خليل، بل تذبح كل من يقف عثرة في سبيلها.
وأما المظهر الثالث فهو إخفات الثورات الداخلية - وأشهرها ثورة ابن الأشعث - بالدم والحديد.
وأما المظهر الرابع فهو إخلاص الولاة الأمويين - وفي طليعتهم الحجاج بن يوسف - إخلاصا تاما في تنفيذ هذه السياسة.
تسنم عبد الملك بن مروان عرش الخلافة سنة 66ه/685م، فعول على البطش بأعدائه حيثما كانوا، وباشر الأمور بنفسه فلم يكلها إلى غيره، ومما لا ريب فيه أن اعتناء عبد الملك بمراقبة كل صغيرة وكبيرة من شئون دولته أيقظ النفوس الهاجعة وعرفها معنى التدبير والحزم. (2-1) عبد الملك وعمرو بن سعيد بن العاص
صفحه نامشخص