دولت اموی در شام
الدولة الأموية في الشام
ژانرها
أما نص الكتاب الذي ادعى المختار أنه من ابن الحنفية فهاكه: «بسم الله الرحمن الرحيم ... من محمد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر ... سلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد فإني قد بعثت إليكم بوزيري وأميني ونجيي الذي ارتضيته لنفسي، وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء أهل بيتي، فانهض معي بنفسك وعشيرتك ومن أطاعتك، فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي وساعدت وزيري، كان عندي بذلك فضيلة ولك بذلك أعنة الخيل وكل جيش غاز وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد أهل الشام، على الوفاء بذلك على عهد الله، فإن فعلت ذلك نلت به عند الله أفضل الكرامة، وإن أبيت هلكت هلاكا لا تستقيله أبدا، والسلام عليك.»
85
ثالثا: «المختار يؤمن الأشراف ويعدل بين الناس»: لم يكد المختار يعلن عن عزيمته في طلب الثأر للحسين، وإرجاع الإمامة إلى ابن الحنفية حتى أحسن السيرة جهده، فقعد للعدل وأمن الناس وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وأدنى الأشراف فكانوا جلساءه وحداثه، فظنوا أنه صادق النية فيما رمى إليه فتهافتوا عليه، لكن العقد الفريد يقول: إن هذه كلها كانت مظاهر لإدراك بغيته، فلما أدركها بانت مقاصده السياسية.
86
رابعا: «الأمويون لا يحسنون صنعا بانتخاب عبيد الله بن زياد للاستيلاء على العراق، العراقيون يبغضون عبيد الله، يلتفون حول المختار»: كلنا يعلم سياسة الشدة التي جرى عليها عبيد الله بن زياد في العراق، تلك السياسة التي أدت إلى قتل الحسين بن علي، فكرهه الناس وأرادوا الفتك به بعد وفاة يزيد الأول، فتمكن من الهرب إذ التجأ إلى الأزد، وقد قدم به هؤلاء إلى الشام آمنا مطمئنا،
87
زد على هذا استعماله الدهاقين من الفرس لجباية الأموال؛ لأنهم أبصر بالمسائل المالية في عرفه من العرب، وأوفى بالأمانة وأهون بالمطالبة، وكان عبيد الله بن زياد بخيلا فجرب أن لا يبذل في العطاء إذا تمكن من ذلك. إن كل هذه العوامل دفعت العراقيين إلى الالتفاف حول المختار ومناصرته.
خامسا: «المختار يستفيد من ثارات العصبية القبائلية»: قلنا فيما سبق أن العصبية القبائلية كانت داء وبيلا، ولا نزال نذكر معركة مرج راهط وما أحلت اليمن فيها بقيس من المذلة الشنيعة، فلما قدم جيش عبيد الله بن زياد من قبل مروان بن الحكم لإخضاع العراق، ومر بالجزيرة أصلاه أهلها القيسيون نارا حامية؛ وذلك لأنهم أهل خلاف لمروان وآل مروان، ولأنهم أرادوا الانتقام ليوم راهط، إن هذه الحرب التي أشعلها القيسيون على اليمنيين أنصار مروان كلفت عبيد الله ثمنا باهظا إذ سفكت فيها دماء غزيرة، وأخرته سنة كاملة عن القدوم إلى العراق، وقد تمكن المختار من الاستعداد خلال هذه المدة استعدادا كاملا.
سادسا: «المختار يداري ابن الزبير لئلا يصبح بين نارين»: ثار المختار في العراق وطرد الحامية الزبيرية وأعلن استقلاله، وهو متأكد كل التأكد أنه لا بد له من مناجزة عدوين قويين طامعين في تثبيت سلطانهما في بلاد الرافدين، الأول بنو أمية في الشام والثاني ابن الزبير في الحجاز، أما بنو أمية فمن الصعب المفاوضة معهم لكره الشيعة لهم وما ارتكبه ولاتهم من المظالم في المصرين حسب اعتقادهم، وأما ابن الزبير فقد تسهل المخابرة معه؛ لأن المختار سيقوم بقتال أعدائه الأمويين الذين كادوه كيدا عظيما، فإن انتصروا على المختار تخلص منه وإن انتصر عليهم كان أهون شوكة منهم عليه، فتوادعا حتى يستجمع لأحدهما الأمر فيثب بصاحبه، وهاك ما كتبه المختار لابن الزبير بهذا الشأن: «... أما بعد فقد عرفت مناصحتي إياك وجهدي على أهل عداوتك، وما كنت أعطيتني إذا أنا فعلت ذلك من نفسك، فلما وفيت لك وقضيت الذي كان لك علي خست بي ولم تف بما عاهدتني عليه ورأيت مني ما قد رأيت فإن ترد مراجعتي أراجعك، وإن ترد مناصحتي أنصح لك.»
88
صفحه نامشخص