ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من آذى ذميا فأنا خصمهن ومن كبت خصمه خصمته يوم القيامة)) أخرجه الخطيب في التاريخ عن ابن مسعود.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار)) أخرجه الطبراني في الكبير، عن واثلة.
قلت: ولأن الذمة جعلت من حرمة قبره من الثرى إلى الثريا، وأوجبت تكفينه ودفنه، وحرمت ذمته وماله وعرضه من الأذى ، فكما لا تجوز أذيته لا تجوز غيبته، إذ فيها أذية، فلم يجز الشرع انتقاصه إلا بالأمور التي عقدت الذمة عليها، وما.............بالجواز لا يقاوم ما دل على الحظر، مع أن قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أن تذكر اخاك)) جواب لسؤال وقع من مسلم.
قال في الإمداد: وغيبة الذمي حرام بخلاف الحربي، انتهى. وخرج مخرج الغلب، واحترز به من الفاسق.
فإن قلتك كيف منعت الذمة عرض الذمي ولم يمنع الإسلام زاده الله علوا عرض الفاسق؟
قلت: قد علل صلى الله عليه وآله وسلم حل ذكر الفاسق بما فيه بالحذر منه، حيث قال: ((اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس)) لن كونه مسلما مظنة للاغترار بظاهر إسلامه، ولا اغترار بالذمي.
فإن قلت: التحذير من الفاسق لأمر يقتضي نقص دينه وما كان كذلك فذكره به ليس بغيبة كما سيأتي؟
قلت: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((اذكروا الفاسق بما فيه)) عام في كل ذكره بما فيه مما ينقص دينه ومما لا، على أنه قد جعل للكافر الملي حيث قبلت شهادته على مثله، مزية على فاسق الخارجة حيث لم تقبل شهادته.
فإن قلت: قد لعن الله الكافرين ومن جاز لعنه جازت غيبته؟
قلت: ذكر بعض المحققين أن للعن الكافر أو الفاسق ثلاث مراتب، فبوصف أعم كلعنة الله على الكفرة والفسقة، وبوصف أخص منه كلعنة الله على اليهود والزناة يجوز اللعن.
صفحه ۳