درجات سیت
الدرجات الست وأسرار الشبكات: علم لعصر متشابك
ژانرها
يصعب إلى حد ما إدراك هذا المفهوم، لكن كلاينبرج توصل إلى صورة جيدة تعكسه، وهي صورة «نظرة على العالم من الجادة التاسعة» التي رسمها سول شتاينبرج وزينت غلاف مجلة «ذي نيويوركر» في عام 1976 ويعاد تقديمها في الشكل
5-4 . تشغل الجادة التاسعة في هذا الرسم مساحة مجمع سكني كامل، الذي يشغل بدوره مساحة مماثلة للجزء من مانهاتن الواقع غرب الجادة العاشرة ونهر هادسون مجتمعين. يخصص القسم نفسه من الصورة بعد ذلك للولايات المتحدة كلها غربي هادسون، وصولا إلى المحيط الهادي، ثم أخيرا إلى بقية العالم.
كان شتاينبرج يعلق تعليقا اجتماعيا على ميل أهالي نيويورك للتركيز على الشئون المحلية بالقدر نفسه الذي يركزون به على قضايا العالم العظيمة - أي النظر إلى أنفسهم كمركز للكون - لكن في نموذج كلاينبرج، تحمل الصورة معنى ملموسا على نحو أكبر. عندما تساوي جاما قيمتها المهمة البالغة اثنين، من المحتمل أن يكون لدى شخص ما في الجادة التاسعة العدد نفسه من الأصدقاء في كل منطقة أو مقياس بالصورة. بعبارة أخرى، يجب أن تتوقع أن يكون لديك عدد من الأصدقاء يعيشون في الحي الذي تقطن به مساو لمن يعيشون في باقي المدينة وباقي الولاية وباقي الدولة، وهكذا، وصولا إلى مستوى العالم بالكامل؛ فيكون احتمال معرفتك بشخص ما يعيش في قارة أخرى مساويا تقريبا لاحتمال معرفتك بشخص يعيش في الشارع الذي تقطن به. يعيش بالطبع مليارات البشر في القارات الأخرى، وبضع مئات فقط على الأرجح في الشارع الذي تعيش فيه، لكن الفكرة هي أن احتمالية معرفتك بأي شخص محدد بالجانب الآخر من العالم منخفضة للغاية، حتى إن «باقي العالم» و«الشارع الذي تقطن به» لن يمثلا في نهاية الأمر سوى العدد نفسه من معارفك الاجتماعيين.
شكل 5-4: صورة «نظرة على العالم من الجادة التاسعة» بريشة سول شتاينبرج التي ظهرت على غلاف مجلة «ذي نيويركر» في عام 1976، توضح مفهوم كلاينبرج عن مراحل البحث. مجموعة خاصة، نيويورك.
يكمن جوهر نتيجة كلاينبرج في أنه عند حدوث هذه الحالة من الاتصال المتساوي على جميع مقاييس الطول، لا تعكس الشبكة فحسب المسارات القصيرة بين جميع أزواج نقاط التلاقي، بل يمكن أيضا للمرسلين الأفراد العثور على المسارات إذا وجه كل منهم ببساطة الرسالة للصديق الذي يبدو في نظره الأقرب إلى الشخص المستهدف. إن ما يجعل مشكلة البحث قابلة للحل هو أنه ما من شخص معين يجب عليه حلها وحده، لكن كل ما على مرسل معين القلق بشأنه عند كل مرحلة هو توصيل الرسالة إلى المرحلة التالية من البحث، وذلك عندما تكون المرحلة شبيهة بالمناطق المختلفة الموجودة بلوحة شتاينبرج؛ لذا، إذا كان هدفك النهائي هو مزارع في طاجكستان، فليس عليك التوصل إلى كيفية نقل الرسالة وصولا إلى هذه الوجهة، أو حتى إلى الدولة الصحيحة، بل كل ما عليك فعله هو إيصالها إلى الجزء الصحيح من العالم، ثم ترك شخص آخر يهتم بالأمر. بفعل ذلك، أنت تفترض أن الشخص التالي في السلسلة، نظرا لزيادة قربه من الشخص المستهدف، لديه معلومات أكثر دقة منك، ومن ثم فهو أقدر منك على التقدم بالبحث إلى مرحلته التالية، وهذا هو ما يحدث فعليا حين تساوي جاما اثنين. عندما تفي الشبكة بهذا الشرط، يكون مطلوبا من عدد قليل من المرسلين فحسب نقل الرسالة من مرحلة إلى أخرى تالية لها؛ من أي مكان في العالم إلى الدولة الصحيحة، ومن أي مكان في الدولة إلى المدينة الصحيحة، وهلم جرا، ونظرا لأن العالم - كما رآه شتاينبرج بالضبط - يمكن دائما أن ينقسم إلى عدد صغير من هذه المراحل، فإن الطول الكلي لسلسلة الرسالة سيكون قصيرا أيضا.
مثل شرط كلاينبرج، كما أسميناه - بالإضافة إلى إثبات كلاينبرج لاستحالة البحث في شبكات العالم الصغير العشوائية بانتظام - خطوة مهمة بالفعل للأمام في تفكيرنا بشأن الشبكات، تمثلت رؤية كلاينبرج العميقة في أن الطرق المختصرة فحسب ليست كافية لتكون ظاهرة العالم الصغير مفيدة فعليا بأي صورة للأفراد المطلعين محليا؛ فلكي تكون الروابط الاجتماعية مفيدة - بمعنى العثور على الشيء المقصود - يجب أن تتضمن معلومات متعلقة بالبنية الاجتماعية الأساسية، لكن ما لا يفسره نموذج كلاينبرج هو كيف يمكن للعالم أن يكون هكذا بالفعل. قد يكون صحيحا أنه إذا كانت الروابط في أي شبكة اجتماعية منظمة على هذا النحو أو ذاك، فسوف يصبح العالم فجأة قابلا للبحث فيه، لكن كيف يمكن للشبكة أن تنظم على هذا النحو في المقام الأول؟ في الواقع، من وجهة النظر الاجتماعية، يبدو شرط كلاينبرج غير محتمل بالمرة. لم يكن كلاينبرج، بالطبع، يسعى لإقامة نموذج واقعي من الناحية الاجتماعية، ومن خلال الحفاظ على نموذجه بسيطا كما فعل، تمكن من فهم خصائصه على نحو كان من المستحيل أن يتحقق مع نموذج أكثر تعقيدا، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام سبيل جديد للتفكير بشأن المشكلة، وهو السبيل الذي تضمن بعض التفكير الاجتماعي. (4) رد علم الاجتماع
كنت أتحدث أنا ومارك بشأن مشكلة البحث الموجه في أحد الأيام أثناء زيارته لي في جامعة كولومبيا، التي انتقلت إليها من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في أغسطس من عام 2000 للانضمام إلى قسم علم الاجتماع، وبعد المناقشة لبعض الوقت، اقتنعنا بأن شرط كلاينبرج لم يكن الطريقة الصحيحة لفهم نتائج ميلجرام. لكن كيف يمكن ذلك؟ ألم «يثبت» كلاينبرج أن أي شبكة غير متصلة بالتساوي عند جميع الأطوال لا يمكن البحث فيها بفعالية؟ حسنا، بلى ونعم في الوقت نفسه. ستكون الإجابة ببلى، إذا كان صحيحا أن الناس يقيسون كل المسافات التي بينهم في إطار شبيكة أساسية، لكن ربما ما كانت تعبر عنه النتيجة التي توصل إليها بالفعل هو أن الناس لا يحسبون فعليا المسافات على هذا النحو. أثناء تجولنا بأنحاء الحرم الجامعي تحت شمس الربيع، توصلنا إلى نموذج يتضمن التحدي الأصلي للعالم الصغير، ألا وهو: كيفية الوصول إلى مزارع صيني، ربما لم يكن أينا على معرفة بمزارعين صينيين، وربما لن نعرف أي مزارعين منهم أبدا، بصرف النظر عن عددهم، لكننا نعرف شخصا يمكنه على الأقل أن يرشدنا إلى الطريق الصحيح.
إريكا جين أمريكية من أصل صيني، وقد ظلت حتى وقت قريب تشغل منصب نائب الرئيس المختص بالأبحاث في معهد سانتا في، وهي من عينني أنا ومارك هناك. درست إريكا بجامعة بكين أثناء سنوات الثورة الثقافية، وذلك قبل انتقالها إلى سانتا في بكثير، بالإضافة إلى ذلك، يمكن القول إنها كانت ناشطة اجتماعية آنذاك (وواحدة من أوائل الأمريكيين الذين درسوا في بكين)، وقد خمنا أنها حتى إذا لم تكن تعرف أي قادة ريفيين في إقليم سيشوان (أو أيا كان المكان الذي يعيش فيه المزارع الافتراضي في تجربتنا)، فربما تعرف شخصا يعرفه. على أي حال، إذا كنا قد أعطيناها خطابا، فقد كنا موقنين تماما أنه سيصل إلى الصين في خطوة واحدة، لم نكن نعلم بالضبط كيف، ولم تكن لدينا أي فكرة عما يمكن أن يحدث عند وصوله إلى هناك، لكن كلاينبرج كان محقا؛ فليس لنا شأن بذلك، كل ما كان يلزمنا فعله هو نقل الخطاب إلى المرحلة التالية في عملية توصيله (أي، إلى الدولة الصحيحة)، ثم إلقاء مسئولية الوصول إلى الهدف على شخص آخر.
كان الاختلاف بين نموذج كلاينبرج وسلسلتنا الخيالية من المرسلين هو أنه على الرغم من أن إريكا كانت بلا شك حلقة مهمة في السلسلة، وربما الحلقة التي ستحرك الخطاب إلى أبعد مسافة، فلم تكن، بالنسبة لي أنا ومارك، أحد المعارف «بعيدة المدى»؛ فنحن الثلاثة كنا ننتمي في مرحلة ما إلى المجتمع الصغير المتماسك ذاته الذي تضمن الباحثين المقيمين في معهد سانتا في. لم يكن مهما، من منظورنا، أين كانت تعيش إريكا أو ماذا كانت تفعل قبل عشرين عاما، كل ما كان يعنينا هو أننا عندما عرفناها ، كانت مديرتنا وزميلتنا وصديقتنا، فكانت تعمل في المكان ذاته وتهتم بالكثير من المشروعات الفكرية نفسها، لم تكن بعيدة عنا أكثر من بعدنا نحن بعضنا عن بعض، وحسب علمنا، فإن أصدقاءها في الصين قد لا يكونون في نظرها أبعد منها عنا. بعبارة أخرى، كان من الممكن لخطابنا أن يثب ما يبدو لكلا الحاملين وثبتين صغيرتين - واحدة منا إلى إريكا وأخرى من إريكا إلى صديق في الصين - وهذه قد تبدو نقلة كبيرة للغاية بالتأكيد إذا نظر إليها كخطوة واحدة.
كيف يمكن لخطوتين قصيرتين أن تنتجا قفزة عملاقة كهذه؟ لا يمكن ذلك في نموذج الشبيكة العادي، كالذي تناولناه أنا وستيف، ومن بعدنا كلاينبرج، الأمر الذي يجعل كل هذه النماذج (بما في ذلك نموذج كلاينبرج) تتطلب بعض الروابط بعيدة المدى، لكن يبدو ذلك «ممكنا» في العالم الاجتماعي الحقيقي، وقد كان هذا التناقض موضع اهتمام دائم لعلماء الاجتماع ذوي الميول الرياضية؛ فمنذ خمسينيات القرن العشرين، عندما تعاون عالم الرياضيات، مانفريد كوشين، والعالم السياسي، إيثيل دي سولا بول، لأول مرة من أجل التفكير في مسألة العالم الصغير، بدت المسافات الاجتماعية وكأنها تخالف شرطا رياضيا يعرف باسم «متباينة المثلث»، والموضحة في الشكل
صفحه نامشخص