وجدان: مقدمهای بسیار کوتاه
الضمير: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
لكن الأساس الذي يرتكز إليه إيماننا بذلك الإله يتطلب المزيد من البحث، حيث يقول سميث إن فكرة وجود عالم مستقبلي تصدر فيه الأحكام على نحو صائب بواسطة إله معصوم «تتملق عظمة الطبيعة البشرية» إلى حد لا يمكننا فيه أن نستغني عنها، أي إنه لا يصرح بالضبط لكنه يلمح إلى أن تلك النظرة الباعثة على العزاء لإله معصوم اختراع بشري. وهي في الحقيقة مسألة تتعلق بالأولويات، حيث تتقدم أفكار الإنسان عن المساءلة البشرية على أفكاره عن الإله وترشدها:
يجب عليه [الإنسان] أن يعتبر نفسه عرضة للمساءلة أمام رفاقه من البشر قبل أن يكون فكرة عن الإله أو عن القوانين التي يستخدمها ذلك الرب في الحكم على سلوكه.
وقد سبق سميث كانت في القول بأننا «نحاول مراقبة سلوكنا كما نتخيل أن أي مشاهد آخر عادل موضوعي قد يراقبه». وهذا الفحص الذاتي التأملي لم يخرج ببساطة من عقل الإنسان، لكنه بدوره اجتماعي: «فالإنسان وحده» كما يؤكد سميث «لا يمكنه التفكر في سلوكه»؛ وبناء على ذلك فليس الله أو العقل الفطري هو ما يقدم معيارا للتقييم، لكنه المجتمع ووضع المرء فيه: «أدخله في المجتمع، وسوف يزود في الحال بالمرآة التي طلبها من قبل.» ويعد كيان المرء الأخلاقي مزدوج التكوين، حيث يتكون من الفرد وبالقدر ذاته من الآخر. وهو يقول بشأن الحكم على السلوك الشخصي:
إنني أقسم نفسي - إذا جاز التعبير - إلى شخصين ... فأنا الباحث والقاضي أمثل شخصية مختلفة عن تلك الأنا الأخرى؛ أو الشخص الذي يخضع سلوكه للفحص والحكم. والأول هو المشاهد الذي أحاول مشاركته رأيه فيما يتعلق بسلوكي عن طريق وضع نفسي في موقفه وتخيل كيف كان الموقف سيبدو بالنسبة لي ... وأما الثاني فهو الفاعل أو الشخص الذي أطلق عليه نفسي حقا والذي أحاول تكوين رأي ما في سلوكه وأنا في ثوب شخصية المشاهد.
أعيد تعريف الموضوعية حسب فهم سميث بأن ذاته الثانية تتحدث من منبر اجتماعي أكثر اتساعا، يمثل المنظور الواسع ل «رجل الإنسانية في أوروبا» الذي يمتلك في حوزته إجابات نموذجية موحدة. وهنا تقابلنا مشكلة، وهي أننا اليوم نشك في وجود مثل هذا الشخص، أو أنه حتى لو وجد مثل هذا الشخص ذي الحس الإنساني المثالي، فإننا نشك في أن تعليمه ونوعه والمعايير الغربية التي يرجع إليها تؤهله بالضرورة كي يكون حكما نهائيا على كل المواقف الأخلاقية التي تنشأ في عالم متغاير. ويبدو اقتراح سميث بأن «نفحص سلوكنا بالطريقة التي نظن أن أي مشاهد آخر عادل موضوعي قد يفحصه بها» جذابا في تعهده بالرقابة الذاتية، لكن ذلك «المشاهد الموضوعي» يبدو عند الفحص إلى حد بعيد امتدادا لقيم سميث الخاصة ويقل اعتباره وجهة نظر جديدة موضوعية لا غبار عليها. واستكمالا لتلك السلسلة المهمة، تعد افتراضاته المطمئنة حول سهولة الوصول للموضوعية الكاملة غير مقنعة من وجهة نظر علم النفس الحديث أو علم الأخلاق الحديث.
وعلى الرغم من تلك الاعتراضات، فإن محاولته البحث عن معيار معتدل داخل الذات وخارجها، بالإضافة إلى تهذيب الميل الفردي بما يتفق مع حكم الإجماع الاجتماعي، تظل جديرة بالثناء. ولا تعد وجهة نظره مبالغة أو عاطفية على نحو مفرط، فما زال بإمكان ضميره الخدش والعض وقيادة الفرد نحو الإصلاح الذاتي كما فعلت ربات الانتقام بعد أن استيقظن في مسرحية أورستيا. وهكذا، فحتى من يرتكب جريمة في السر سوف يصدر على نفسه حكما معارضا لوجهة نظر المشاهد الموضوعي: «فتلك الآلام الطبيعية للضمير الخائف هي الشياطين، أو ربات الانتقام، التي تطارد المذنبين في الحياة الدنيا.» وعلى الرغم من إدراك سميث للضمير بوصفه أمرا متعلقا بالشعور المرهف، فإنه يقدم وصفا رائعا لضمير يطمح إلى تأديب الذات، ضمير قوي يميل إلى التدخل ويشغل نفسه بالعواقب.
مشكلة المبادئ الأخلاقية العامة
يرفض فلاسفة التنوير المفهوم الضيق للضمير ويفتحون مجال البحث فيه لآفاق الإجماع الاجتماعي الأكثر اتساعا، وهذا المنظور الواسع ضروري لتكوين تصور سليم عن الضمير، على الرغم من أنه يمثل صعوبة جديدة. فعن طريق قطع الصلة بين الدين والضمير تماما وإعادة ترسيخ الضمير في الإجماع الاجتماعي، يخاطر سميث وآخرون يشاركونه نفس الرأي بترك الفرد حي الضمير تحت رحمة تحيز الجمهور غير الخاضع للمساءلة. ومع ملء المبادئ الأخلاقية العلمانية للفراغ الذي خلقه الدور المتناقص لله وللدين في رعاية الضمير، ينشأ احتمال أن ينجرف الخيار الأخلاقي بتيار من الآراء الخارجية غير المفندة. وكان أساس الاحترام الأحدث للضمير وجوده نصيرا للفرد المنعزل خلافا للآراء الثابتة الإلزامية، وهكذا فمن الصعب أن يقنع المرء برؤية الضمير بوصفه مجرد تفسير لما «يعتقده الجميع». وقد تولى كل من لوثر وأبطال الإصلاح البروتستانتي الآخرين الدفاع عن حقوق الضمير الفردي أو حتى المنحرف (فيما يتعلق بالآراء السائدة) في مواجهة أشكال العبادة الثابتة ومؤسساتها على نحو رائع وفعال، لكن ما زال الخلاف التالي دفاعا عن حقوق الضمير الفردي في مواجهة الآراء الراسخة في مجتمع علماني لم يحسم بعد.
بدأ ذلك المأزق يظهر في القرن التاسع عشر عندما انتشرت آراء في الضمير - بعضها متزمت والبعض الآخر عاطفي وشائع - في المجتمع المدني. وتبدو الرواية في القرن التاسع عشر أحيانا مسرحا رائجا للضمير يستخدم فيه هذا المفهوم بكفاءة بوصفه آلية للحكم على الخيارات والأفعال في المجتمع الإنساني. وبوصفها قالبا اجتماعيا، فإن الرواية مناسبة تماما لتناول مشكلة الضمير في المجتمع وميله لأن يتخذ دائما دور المؤيد للمبادئ الأخلاقية المتعارف عليها.
عندما كان بيب الصغير في رواية «آمال عظيمة» على وشك أن يسرق طعاما ومبردا من أجل ماجويتش الهارب كان لديه ضمير كهذا، ضمير يسبب له الكثير من المتاعب لكنه أداة أكثر تبلدا وتقليدية من أن تكون ذات نفع له في تحليل ورطته. فبعد أن أخفى شريحة من الخبز في جيب سرواله كي ينجز المهمة التي كلف بها، تعرض للهجوم بعنف:
صفحه نامشخص