فارتجف البارون عند سماعه هذا الصوت وقال: إلهي! ماذا أسمع؟!
ثم فتح الباب ودخلت ديانا باسمة وهي لا تتوقع أن ترى أباها، فلما رأته ورآها صاح الاثنان صيحة منكرة، وأكبت ديانا على عنق أبيها ودموع الفرح منهملة من عينيها، فسقط البارون على مقعد واهي القوى، وقد كاد يقتله الفرح.
وصرخت ديانا تقول: ويلاه! ... ماذا أصاب أبي؟ وما هذا الاصفرار الذي أراه في وجهه؟ ... إلي أيها الكونت، فإني أراه مغمى عليه. - لا بأس أيتها السيدة، فهو سيفيق من إغمائه الذي لم يكن إلا لفرط سروره؛ فإنه كان يحسبك ميتة. - ويل للظالمين، ألم يكن بينهم من يشفق على قلب والد عجوز!
ثم أفاق البارون من إغمائه، فضم ابنته إلى صدره، وقد غسل وجهها بدموع الفرح.
وبعد ذلك نظر إلى باسي وقال: لقد أخبرتني أننا في منزل مدام دي مونسورو، فأين هي تلك السيدة؟
فتنهدت ديانا وقالت: وا أسفاه! أنا هي تلك الشقية يا أبي، وإن دي مونسورو هو صهرك. - عجبا! ... كيف يكون هذا الرجل صهري وأنا لا أعلم بهذا الزواج؟ - ذاك لأني لم أكن قادرة على أن أكتب إليك حذرا من أن تقع رسائلي بيد الدوق، وفوق هذا فقد كنت أحسب أنك عالم بكل شيء. - إذا كان هذا، فما الذي منع زوجك عن إخباري؟ وما علة هذا الكتمان؟ - إنه لم يكتم عنك هذا الزواج فقط، بل كتم عنك أيضا كوني حية ... - أيصبح مونسورو صهري وأنا لا أعلم؟ إن هذا عجيب.
فقالت له ديانا بصوت المؤنب: ألست أنت الذي أمرتني بزواجه يا أبي؟ - نعم، بشرط أن ينقذك مما كنت فيه.
فسقطت ديانا على كرسي، وهي تكاد أن يغمى عليها من الأسف وقالت: نعم، فلقد أنقذني من العار، لكنه لم ينقذني من الشقاء. - إذا فما الذي دفعه إلى أن يجعلني أعتقد بموتك وأبكيك البكاء المر وأنت حية؟
فتأوهت وقالت: هذا ما لا أعلمه، ولكن يخال لي بأنه لم يفعل ذلك إلا تجنبا لمكيدة يكيدها لي الدوق، وسيبقى الكونت معنا فيحمينا من شر هذا الدوق، أليس كذلك يا كونت؟
فاحمر وجه باسي وقال: لا يحق لي يا سيدتي أن أتداخل في شئونكم العائلية، وقد فعلت ما يجب علي فعله، فجئتك بأبيك الذي سيكون لك خير نصير، فلم يبق علي غير الاستئذان بالانصراف.
صفحه نامشخص