ولم يذكر هاهنا الاعتقاد وإنما ذكر الشهادة ، والاعتقاد هو الإيمان وهو الأصل والتصديق باللسان فرعة ، والتصديق بالفعل فرع اللسان .
الاختلاف في الإيمان واعتقادات الضمائر (1)
واعلم أن الاعتقادات في الضمائر والصدور خمس :
أولها : الإيمان الذي هو التصديق بوجود الباري سبحانه ، واعتقاد السمع والطاعة له ، كما قالوا سمعنا وأطعنا .
الثاني : اعتقاد الأفراق .
الثالث : اعتقاد المذاهب .
الرابع : اعتقاد الخطأ .
الخامس : اعتقاد المباح .
ونحن نذكر حقيقة كل واحد من هذه وحدة لغة ومعنى ، ومن وراء ذلك شرعا وحجة .
فأما تصديق القلب ، فهو المعهود المعلوم من الناس ، آمنت به : صدقته . وأمنته : أعطيت له الأمان، قال الله تعالى حكاية عن إخوة يوسف بينهم وبين أبيهم : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) . فهذا تصديق الاعتقاد في القلب والضمير .
وأما التصديق باللسان ، فأن تقول للواحد : صدقت فيما أخبرت به . وضده التكذيب ، كذبه إذا رد عليه خبره وقوله .
أما تصديق الفعال ، فمثل أن يقول لك رجل : إن وراءك سبعا . فإن قمت وهربت من موضعك وأخذت حذرك فقد صدقته ولو قلت بلسانك: كذبت، فالتصديق ظاهر في فعلك ، وإن رميت بنفسك على قفاك ورقدت فقد كذبته ولو قلت بلسانك: صدقت .
القول في الدين
واعلم أن الدين هو بمعنى السمع والطاعة ، والأديان إنما تكون بين أهل الإسلام وأهل الشرك والملل.
كذلك ملة الإسلام ودين الإسلام وملة الشرك ودين الشرك . قال الله - عز وجل - في المشركين وأهل الإسلام : ( لكم دينكم ولي دين ) . ولا يقال دين القدرية ، ولا دين المرجئة ، ولا دين المارقة، ولا دين أبي حنيفة ولا مالك ولا الشافعي .
صفحه ۳