127

دلیل و برهان

الدليل والبرهان لأبي يعقوب الوارجلاني

ژانرها

قلنا : هذا آخر اليهود . فإن الله تعالى بشر المسلمين ببشارتين : الواحدة أن صلاتهم غير ضائعة والثانية : أن تلك الصلوات نفسها إيمان ، فجعل هذه التعزية مكان التهنئة ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( الإيمان نيف وسبعون خصلة أعلاها : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق )) .

وقال عليه السلام : (( الحياء من الإيمان )) .

وأما قول الشيخ - رضي الله عنه - : ( وندين بأن الله خالق وما سواه مخلوق ، وأنه خالق لوحيه وكلامه ، وجاعل له ، ومحدث له ) .

وقوله : ( وندين ) هاهنا محتمل ما لم يقع أحد الشروط الثلاثة ، وذلك أن هذه المسألة وقع فيها بعض المغالطة ، وكذلك مسألة الأسماء ، أسماء الله تعالى .

واعلم أن من شروط التناظر اتفاق المتناظرين على المعنى الذي أرادوا أن يتناظروا عليه ، فلابد من اتفاق عليه وإلا كان الكلام لغوا ، يسأل من يقول : القرآن غير مخلوق . ما هذا القرآن الذي تريده وما حده ؟

فيقول : إن الكلام أولا إنما يكون في النفس منا ثم يظهر على ألسنتنا فيكون الظاهر والباطن كلاهما كلاما ، فنظرنا إلى القرآن الظاهر عن كلام الباطن قام ونظرنا إلى كلام النفس قد يكون في النفس قبل ظهوره إلينا ، وأمور النفس عندنا آكد من أمور الجوارح ، والله تعالى لا يشبهه شيء في صفة ولا ذات ، فعلمنا أن كلامه كعلمه .

فقلنا : الكلام ، والقرآن إذ هو الكلام ليس بمخلوق . ثم قلنا لأهل الظاهر الذين يقولون : هذا المسموع هو القرآن : ما القرآن عندكم ؟

فقالوا : هو هذا المسموع بالآذان المتلو باللسان المقطع بالحروف المتعلق إلى الظروف المحتمل للتصريف الموصوف بالتربيع والتثليث والتنصيف ، وفي صدور الذين أوتوا العلم حجة الآخرين .

فها هنا وقعت المغالطة .

فإن اعترف أصحاب الظاهر لأصحاب الباطن بما قالوا صح قولهم : إنه الكلام في النفس ، وأنه معنى في النفس على قول الأشعرية .

صفحه ۵۳