ذهب العمر والذنوب كما هي
توفي يوم الخميس من شهر صفر سنة 646ه، ودفن يوم الجمعة إثر صلاتها، وقبره بالحطبية عليه عمود أزرق، وبجانب قبره من جهة الجوف قبر ابنه إبراهيم العالم المصلح المتوفى سنة 704ه، رضي الله عنهما. (4) مقبرة باب الخوخة
أبو القاسم السيوري
أخذ الفقه عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي، وكانت له عناية بالحديث والقراءات، والغالب عليه الفقه. انتفع به خلق كثير؛ منهم: عبد الحميد المهدي، وأبو الحسن اللخمي، وأبو القاسم الماهري، وغيرهم من فضلاء العلماء. وكان من الحفاظ المعدودين، والفقهاء المبرزين، يحفظ المدونة تماما، ويحفظ دواوين المذهب الحفظ الجيد، ولما نفذت المدونة أملاها من رأسه، وعندما وجدت نسخها قابلوا ما أملى عليهم فوجد سواء. وله تعليق على نكت في المدونة. وبنى دارا لدبغ الجلود؛ لأنه كان يأكل من كد يمينه. وكان يملك من الزيتون بالساحل اثنتي عشرة ألف زيتونة، ويخدم بعضها بنفسه، يأخذ نصف دخلها ينتفع به، والنصف الآخر للفقراء والمساكين، وكان مسموع الكلمة عند الأمراء؛ بحيث إذا طلب عزل وال ظالم عزل. توفي بالقيروان سنة 462ه، ودفن بداره خارج الباب المعبر عنه الآن بباب الخوخة أحد أبواب القيروان، ضريحه مشهور، رضي الله عنه. (5) مقامات العلماء والصلحاء الأتقياء التي داخل سور القيروان
أبو عمران الفاسي
أصله من فاس، وبيته بها بيت مشهور، يعرفونه ببني الحجاج. تفقه بالقيروان على الشيخ أبي الحسن القابسي وغيره. ثم رحل إلى قرطبة فقرأ على سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان وغيرهما. ثم رحل إلى المشرق، وأخذ بمصر القراءات على عبد الكريم بن أحمد، وأخذ بمكة على أحمد السرقسطي، وحج حجات كثيرة، ودخل بغداد سنة 399ه، وحضر مجلس أبي بكر بن الطيب الباقلاني القاضي، وسمع العلم منه ومن غيره، ثم عاد إلى القيروان فأقرأ بها القرآن ودرس الفقه وأسمع الحديث، ورحلت إليه الطلبة من أقصى البلاد، وتفقه عليه جماعة كأبي القاسم السيوري وغيره، وطارت فتياه في المشرق والمغرب، ثم رحل إلى المشرق مرة ثانية سنة 426ه، فلقي بمكة عبد الله بن أحمد الهروي وأخذ عنه، ثم قدم القيروان قبل وفاته بيسير. ولما حضرته الوفاة جعلت زوجته تمرغ خديها على رجليه، فقال لها: مرغي أو لا تمرغي، والله إني ما مشيت بهما إلى معصية قط. ولد في سنة 368ه، وتوفي في الثالث عشر من رمضان سنة 430ه، وصلى عليه أبو بكر عتيق السوسي الزاهد بوصية له، ودفن بداره الكائنة الآن قرب الجامع الأعظم، وأحفاده موجودون بالقيروان إلى الآن، ضريحه مشهور بالدار المذكورة يزار، رضي الله عنه.
أبو عبد الله الرماح
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن القيسي ثم الرماح، تفقه بالقيروان على تلامذة الشيخ أبي محمد عبد السلام بن عبد الغالب رحمه الله، ثم رحل إلى تونس، فقرأ بها على الشيخ أبي القاسم بن زيتون. قال أبو القاسم الرزلي: درس العلم أبو عبد الله الرماح بالجامع الأعظم بالقيروان خمسين سنة، وكان مشهورا بالسخاء، وإطعام المساكين . من آثاره في الكرم أن أهل القيروان أصابتهم شدة في زمنه، وكانت عنده ثلاثة مطامير مملوءة شعيرا، ففتحها وفرق جميعها على الفقراء والمساكين، ثم دخل لداره فقالت له زوجته: ما بقي في الدار عندنا طعام. فقال لها: لو عرفتني كنا أخذنا من جملة الفقراء ربع شعير كواحد منهم. وانشرح وقال: الحمد لله، نشتري من السوق طعامنا.
وكان يطعم الفقراء في المواسم والأعياد، وكان مقصودا في الفتيا، قائما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أن حضرته الوفاة. دخل بعض العلماء عليه في مرضه الذي مات فيه، فوجدوه متوسدا حجرا، وتحته حصير حلفاء قديمة، فقال العايد لولد الشيخ: أيا ولدي، هكذا تترك الشيخ! فقال: كلما نفرش له ونرفهه يتركني حتى نغيب عنه، فيزيله من تحته ونجده هكذا، فكلمته في ذلك، فقال لي: يا بني ما نحب نلقى الله إلا وأنا على هذه الحالة. توفي رحمه الله بالطاعون سنة 749ه، ودفن بداره الكائنة على يسار الذاهب إلى الجامع الأعظم من طريق الخضراوين، قريب من الجامع بخطوات، وأحفاده موجودون بالقيروان إلى الآن، رضي الله عنه.
أبو فندار
صفحه نامشخص