دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
دلالة الشكل: دراسة في الإستطيقا الشكلية وقراءة في كتاب الفن
ژانرها
و«القبح» في أعمالهم، وربما عمد الفنان الحديث إلى أن تكون لوحاته مزعجة واستفزازية، وأن تكون موجعة مقلقة منغصة بدلا من أن تكون جميلة رائقة تسر الناظرين، مما يؤدي إلى المفارقة الحديثة التالية: «أنا أحب لوحات الفنان س؛ لأنها مقلقة للغاية.» أو «أنا أحب روايات الكاتب ص؛ لأنها شديدة الإزعاج.»
تقول سوزان لانجر في كتابها القيم «الفلسفة بمفتاح جديد»: إن الفن العظيم ليس مجرد لذة حسية مباشرة، وإلا لوجد استجابة مرضية لدى العامة قبل الخاصة، وليس من شك في أن الكثير من اتجاهات الفن المعاصر قد أصبحت شاهدا واضحا على قلة اهتمام الفنانين بتقديم أشكال سارة أو نماذج جميلة، مما يضعف حجة القائلين بأن الفن هو مجرد متعة أو لذة، فإذا أضفنا إلى ذلك أننا نشهد اليوم اهتماما منطقيا وسيكولوجيا كبيرا بمفهوم الرمز، مع ما يقترن به من دراسة للوسائط التعبيرية وطرق ترجمة الأفكار أو المعاني، أمكننا أن ندرك كيف أن فلسفة الفن الجديدة لم تعد تستطيع الاستغناء عن مفهوم «الشكل الدال» (أو الصورة ذات المعنى)
Significant Form .
1
إن الإنسان، كما بين إرنست كاسيرر
E. Cassirer ، هو حيوان رامز قبل كل شيء، أي حيوان يصنع الرموز ويعيش في عالم من الرموز، والفن هو مظهر من مظاهر حضارة الإنسان إلى جانب الأسطورة والدين واللغة والتاريخ والعلم. وليست الرموز البشرية مجرد مجموعة من العلامات التي تشير إلى بعض المعاني أو الأفكار أو التصورات، بل هي شبكة معقدة من الأشكال التي تعبر عن مشاعر الإنسان وانفعالاته وأهوائه ومعتقداته، «إن فطرة الإنسان أوسع من دائرة العقل الخالص.» ومكانة الفن في مضمار الحياة الإنسانية إنما ترجع إلى كونه لغة من اللغات الرمزية العديدة التي حاول الإنسان أن يصطنعها في فهمه للعالم،
2
فالفن ليس مجرد تكرار لحقيقة جاهزة أو ترديد لواقع قائم سلفا، بل هو كشف لحقيقة جديدة وتعبير عنها بلغة رمزية.
والفن شكل قبل كل شيء، والأثر الفني هو أثر فني لأنه شكل كلي متسق مع نفسه وقابل للإدراك، وكأنما هو موجود طبيعي له وحدته العضوية واكتفاؤه الذاتي وحقيقته الفردية، فليس العمل الفني تعليقا على شيء يمتد فيما وراءه في صميم العالم، ولا قرينة تذكرنا بأشياء أخرى قائمة في الواقع الخارجي، إنما الآثار الفنية «رموز» تنطوي على معان، لا مجرد «علامات» تدل على أشياء، والتعبير الفني ليس مجرد استجابة لموقف حاضر أو لمؤثر واقعي، بل هو «شكل رمزي» يوسع من دائرة معرفتنا ويمتد بها إلى ما وراء مجال خبرتنا الواقعية أو دائرة تجربتنا الحالية. (2) الفرق بين الرمز والعلامة
سبق لهيجل أن ميز بين الرمز والعلامة، فقال إن العلاقة التي تربط العلامة الحقيقية بالشيء الذي تدل عليه هي علاقة «اعتباطية»
صفحه نامشخص