دلایل النبوة و معرفت احوال صاحب الشریعت
دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة
ویرایشگر
د. عبد المعطي قلعجي
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الأولى-١٤٠٨ هـ
سال انتشار
١٩٨٨ م
محل انتشار
دار الريان للتراث
الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبْ، اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَاقْتُلُونِي مَعَهُ، فَإِنَّكُمْ إِنْ تَرَكْتُمُوهُ وَأَدْرَكَ مَدْرَكَ الرِّجَالِ لَيُسَفِّهَنَّ أَحْلَامَكُمْ، وَلَيُكَذِّبَنَّ أَدْيَانَكُمْ، وَلَيَدْعُوَنَّكُمْ إِلَى رَبٍّ لَا تَعْرِفُونَهُ، وَدِينٍ تُنْكِرُونَهُ.
قَالَتْ: فَلَمَّا سَمِعْتُ مَقَالَتَهُ انْتَزَعْتُهُ مِنْ يَدِهِ، وَقُلْتُ: لَأَنْتَ أَعْتَهُ مِنْهُ وَأَجَنُّ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ مَا أَتَيْتُكَ بِهِ، اطْلُبْ لِنَفْسِكَ مَنْ يَقْتُلُكَ، فَإِنَّا لَا نَقْتُلُ مُحَمَّدًا. فَاحْتَمَلْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ مَنْزِلِي، فَمَا أَتَيْتُ- يَعْلَمُ اللهُ- مَنْزِلًا مِنْ مَنَازِلِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ إِلَّا وَقَدْ شَمَمْنَا مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، وَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَجُلَانِ أَبْيَضَانِ، فَيَغِيبَانِ فِي ثِيَابِهِ وَلَا يَظْهَرَانِ. فَقَالَ النَّاسُ: رُدِّيهِ يَا حَلِيمَةُ عَلَى جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَخْرِجِيهِ مِنْ أَمَانَتِكِ. قَالَتْ:
فَعَزَمْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يُنَادِي: هَنِيئًا لَكِ يَا بَطْحَاءَ مَكَّةَ، الْيَوْمَ يُرَدُّ [(٣٣٢)] عَلَيْكِ النُّورُ، وَالدِّينُ، وَالْبَهَاءُ، وَالْكَمَالُ، فَقَدْ أَمِنْتِ أَنْ تُخْذَلِينَ أَوْ تَحْزَنِينَ أَبَدَ الْآبِدِينَ وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ. قَالَتْ: فَرَكِبْتُ أَتَانِيَ، وَحَمَلْتُ النَّبِيَّ، ﷺ، بَيْنَ يَدَيَّ، أَسِيرُ حَتَّى أَتَيْتُ الْبَابَ الْأَعْظَمَ مِنْ أَبْوَابِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، فَوَضَعْتُهُ لِأَقْضِيَ حَاجَةً وَأُصْلِحَ شَأْنِي، فَسَمِعْتُ [(٣٣٣)] هَدَّةً شَدِيدَةً، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ قَالُوا: أَيُّ الصبيان؟ قلت: محمد ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، الَّذِي نَضَّرَ اللهُ بِهِ وَجْهِي، وَأَغْنَى عَيْلَتِي، وَأَشْبَعَ جَوْعَتِي، رَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكْتُ بِهِ سُرُورِي وَأَمَلِي، أَتَيْتُ بِهِ أَرُدُّهُ وَأَخْرُجُ مِنْ أَمَانَتِي، فَاخْتُلِسَ مِنْ يَدَيَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَمَسَّ قَدَمَيْهِ الْأَرْضُ، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ لَمْ أَرَهُ لَأَرْمِيَنَّ بِنَفْسِي مِنْ شَاهِقِ هَذَا الْجَبَلِ، وَلَأَتَقَطَّعَنَّ إِرْبًا إِرْبًا. فَقَالَ النَّاسُ [إِنَّا] [(٣٣٤)] لَنَرَاكِ غَائِبَةً عَنِ الرُّكْبَانِ، مَا مَعَكِ مُحَمَّدٌ. قَالَتْ: قُلْتُ: السَّاعَةَ
[(٣٣٢)] في (ص): «يرد الله عليك..» .
[(٣٣٣)] في (هـ): «سمعت»، وفي (ص): «إذ سمعت» .
[(٣٣٤)] الزيادة من (ح) .
1 / 142