187

دلائل الإعجاز

دلائل الإعجاز

پژوهشگر

محمود محمد شاكر أبو فهر

ناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

شماره نسخه

الثالثة ١٤١٣هـ

سال انتشار

١٩٩٢م

محل انتشار

دار المدني بجدة

أمثلة الفرق بين الخبر إذا كان فعلا، وبينه إذا كان اسما:
١٨٦ - وإذا ثبت الفرق بين الشيء والشيء في مواضعَ كثيرةٍ١، وظهرَ الأمرُ، بأَنْ تَرى أحدَهما لا يصْلُح في موضعِ صاحبهِ، وجَبَ أنْ تقضيَ بثُبوتِ الفرقِ حيثُ تَرى أَحدَهما قد صلُحَ في مكانِ الآخَرِ، وتَعْلَم أنَّ المعنى مع أحدِهما غَيرُهُ مع الآخرِ، كما هو العبرةُ في حَمْل الخَفيِّ على الجليِّ. وينعكسُ لك هذا الحكمُ أَعني أنك كما وجدْتَ الاسمَ يقَعُ حيثُ لا يَصلُح الفعلُ مكانه، كذلك نجد الفِعْلَ يَقَعُ ثُم لا يَصلُحُ الاسمُ مكانَه، ولا يؤدِّي ما كانَ يؤديه.
١٨٧ - فمن البَيِّنِ في ذلك قول الأعشى:
لعَمْري لقدْ لاحتْ عيونٌ كثيرةٌ ... إلى ضوءِ نارٍ في يَفاع تَحَرَّقُ
تُشَبُّ لِمَقْرورَين يَصْطَليانِها ... وبات على النار الندى والمحلق٢
معلوم أن لو قيل: "إلى ضوء نارٍ مُتَحَرِّقة"٣، لَنَبا عنه الطبْعُ وأنكرَتْه النفسُ، ثم لا يكونُ ذاك النبوُّ وذاك الإنكارُ من أجل القافية وأنها تُفْسَد به، بل من جهةِ أنه لا يُشْبِهُ الغرَضَ ولا يليقُ بالحال.
١٨٨ - وكذلك قوله:
أوَ كُلّما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلةُ ... بَعثُوا إلىَّ عَريفَهُم يَتَوَسَّمَ٤
وذاك لأنَّ المعنى في بيتِ الأعشى على أنَّ هناك مُوقِدًا يتجدَّدُ منه الإلهابُ والإشعالُ حالًا فحالًا، وإذا قيل: "متحرِّقة"، كان المعنى أن هناك نارًا قد

١ في المطبوعة وحدها: "بين الشيئين".
٢ في ديوان الأعشى. و"المحلق" بتشديد اللام وكسرها وبفتحها أيضًا، واسمه "عبد العزى ابن خثم بن شداد بن ربيعة المجنون بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب"، وسمى "المخلق". لأن فرسًا عضه في خده عضة كالحلقة.
٣ في "ج" و"س": "محرقة".
٤ الشعر لطريف بن تميم العنبري، في "الأصمعيات" رقم: ٣٩.

1 / 176