واعْلَمْ أَنه لا سبيل إِلى أنْ تَعرِفَ صحَّةَ هذه الجملةِ، حتى يَبْلُغَ القولُ غايتَه، ويَنْتهيَ إلى آخر ما أَردْتَ جَمْعَه لك، وتَصويرَه في نفسك، وتَقْريرَه عندك. إِلا أنَّ هاهنا نُكْتةً إنْ أنتَ تأمَّلْتَها، تأَمُّلَ المُتَثَبِّتِ، ونظَرْتَ فيها نَظَر المتأنِّي، رجَوْتَ أنْ يَحْسُنَ ظَنُّك، وأنْ تَنْشَطَ للإِصغاء إلى ما أُورِدَه عليك، وهي: إنَّا إذا سُقْنا دليلَ الإعجاز فقُلْنا: لولا أَنهم حينَ سمعوا القرآنَ، وحينَ تُحدُّوا إِلى مُعَارضته، سَمِعوا كلامًا لم يَسْمعوا قطُّ مثْلَه، وأنهم قد رازوا أنْفُسَهم فأَحَسُّوا بالعَجْز على أنْ يأتوا بما يُوازيه أو يُدانيه، أو يقَعُ قريبًا منه، لكان مُحالًا أن يَدَعُوا معارَضَتَه، وقد تُحُدُّوا إليه، وقُرِّعوا فيه، وطُولبوا به، وأن يتعرضوا لِشَبا الأَسِنَّة، وَيْقتحموا مواردَ الموتِ.