ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم ولا رأيت الله عزوجل أقسم بحياة أحد إلا بحياته فقال
ﵟلعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهونﵞ
والعمه في البصيرة والعمى في البصر وفي رواية عطاء عن إبن عباس رضي الله عنهما المعنى وعيشك يا محمد انهم لفي سكرتهم يعمهون وقال بعضهم أقسم بحياة محمد لأن حياته كانت به وهو في قبضة الحق وبساط القرب وشرف الإنبساط ومقام الإتفاق الذي لا يقوم به غيره فبحياتك يكون القسم فإن الكل زاغوا وما زغت ومالوا وما ملت حتى برأناك ونزلناك منزلة ما نالها غيرك ولا ينالها أحد سواك وقيل المعنى وحياتك التي خصصت بها بين الخلق فحيوا بالأرواح وحييت بنا ولهذا تتمة مهمة ذكرتها في المولد يتعين الوقوف عليها وقيل أقسم الله عزوجل في الأزل بحياته ليظهر شرفه وعلو قدره ودنو منزلته عنده ليتوسل المتوسلون به إليه قبل بروزه إلى الوجود وفي حياته وبعد موته وفي عرصات القيامة ولهذا وغيره لم يزل أهل الإيمان يتوسلون به في حياته وبعد وفاته من غير نكير وكان أهل الكتاب لهم علم من ذلك فكانوا يتوسلون به قبل وجوده فيستجاب لهم كما قال الله تعالى
ﵟوكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفرواﵞ
وقال إبن عباس رضي الله عنهما كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما إلتقوا هزمت غطفان يهود فعاذت يهود بهذا الدعاء اللهم إنا نسألك بحق النبي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا إلتقوا ودعوا بهذا الدعاء هزمت يهود غطفان ويهود غير منصرف للعلمية والتأنيث علم على قبيلة فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فانزل الله عز وجل
ﵟوكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفرواﵞ
أي يدعون بك يا محمد إلى قوله فلعنة الله على الكافرين وإذا كان عز وجل يستجيب لأعدائه بالتوسل به صلى الله عليه وسلم اليه سبحانه مع علمه عز وجل بأنهم يكفرون به ويؤذونه ولا يتبعون النور الذي أنزل معه قبل وجوده وبروزه إلى الوجود وإرساله رحمة للعالمين فكيف لا يستجيب لأحبائه إذا توسلوا به بعد وجوده صلى الله عليه وسلم وبعثته رحمة للعالمين وإذا كان رحمة للعالمين فكيف لا يتوسل ولا يتشفع به
صفحه ۷۱