وينزه خالقه عن التحيز في جهة لقوله تعالى
ﵟوهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصيرﵞ
ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك سبيل مرضاته وأمر بالتفكر في الآيات ونهى عن التفكر في ذاته صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين علا بهم منار الإيمان وإرتفع وشيد الله بهم من قواعد الدين الحنيفي ما شرع وأخمد بهم كلمة من حاد عن الحق ومال إلى البدع وبعد فإن القواعد الشرعية وقواعد الإسلام المرعية وأركان الإيمان العلمية ومذاهب الدين المرضية هي الأساس الذي يبنى عليه والموئل الذي يرجع كل أحد إليه والطريق التي من سلكها فاز فوزا عظيما ومن زاغ عنها فقد إستوجب عذابا أليما ولهذا يجب أن تنعقد أحكامها ويؤكد دوامها وتصان عقائد هذه الأمة عن الإختلاف وتزان بالرحمة والعطف والإئتلاف وتخمد ثوائر البدع ويفرق من فرقها ما إجتمع وكان إبن تيمية في هذه المدة قد بسط لسان قلمه ومد بجهله عنان كلمه وتحدث بمسائل الذات والصفات ونص في كلامه الفاسد على أمور منكرات وتكلم فيما سكت عنه الصحابة والتابعون وفاه بما إجتنبه الأئمة الأعلام الصالحون وأتى في ذلك بما أنكره أئمة الإسلام وإنعقد على خلافة إجماع العلماء والحكام وشهر من فتاويه ما إستخف به عقول العوام وخالف في ذلك فقهاء عصره وأعلام علماء شامه ومصره وبث به رسائله إلى كل مكان وسمى فتاويه بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان ولما إتصل بنا ذلك وما سلك به هو ومريدوه من هذه المسالك الخبيثة وأظهروه من هذه الأحوال وأشاعوه وعلمنا أنه إستخف قومه فأطاعوه حتى إتصل بنا أنهم صرحوا في حق الله سبحانه بالحرف والصوت والتشبيه والتجسيم فقمنا في نصرة الله مشفقين من هذا النبأ العظيم وأنكرنا هذه البدعة وعزنا أن يشيع عمن تضمنه ممالكه هذه السمعة وكرهنا ما فاه به المبطلون وتلونا قوله تعالى
ﵟسبحان ربك رب العزة عما يصفونﵞ
فإنه سبحانه وتعالى تنزه في ذاته وصفاته عن العديل والنظير
ﵟلا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبيرﵞ
فتقدمت مراسيمنا بإستدعاء إبن تيمية المذكور إلى أبوابنا حين ما سارت فتاويه الباطلة في شامنا ومصرنا وصرح فيها بألفاظ ما سمعها ذو فهم إلا وتلا قوله تعالى
ﵟلقد جئت شيئا نكراﵞ
ولما وصل إلينا الجمع اولوا العقد والحل وذوو التحقيق والنقل وحضر قضاة الإسلام وحكام الأنام وعلماء المسلمين وأئمة الدنيا والدين وعقد له مجلس شرعي في ملأ من الأئمة وجمع
ومن له دراية في مجال النظر ودفع
فثبت عندهم جميع ما نسب إليه
بقول من يعتمد ويعول عليه
وبمقتضى خط قلمه الدال على منكر معتقده وانفصل ذلك الجمع وهم لعقيدته الخبيثة منكرون
وآخذوه بما شهد به قلمه تالين
ﵟستكتب شهادتهم ويسألونﵞ
وبلغنا أنه قد استتيب مرارا فيما تقدم وأخره الشرع الشريف لما تعرض لذلك
وأقدم
ثم عاد بعد منعه
ولم يدخل ذلك في سمعه
ولما ثبت ذلك في مجلس الحاكم المالكي حكم الشرع الشريف أن يسجن هذا المذكور
ويمنع من التصرف والظهور
ويكتب مرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك
وينهى عن التشبيه في إعتقاد مثل ذلك
أو يعود له في هذا القول متبعا
أو لهذه الألفاظ مستمعا
أو يسري في التشبيه مسراه
أو يفوه بجهة العلو بما فاه
أو يتحدث أحد بحرف أو صوت
أو يفوه بذلك إلى الموت
أو ينطق بتجسيم
أو يحيد عن الطريق المستقيم
أو يخرج عن رأي الأئمة
أو ينفرد به عن علماء الأمة
أو يحيز الله سبحانه وتعالى في جهة أو يتعرض إلى حيث وكيف
فليس لمعتقد هذا إلا السيف
فليقف كل واحد عند هذا الحد
ولله الأمر من قبل ومن بعد
وليلزم كل واحد من الحنابلة بالرجوع عن كل ما أنكره الأئمة من هذه العقيدة
والرجوع عن الشبهات الذائعة الشديدة
ولزوم ما أمر الله تعالى به والتمسك بمسالك أهل الإيمان الحميدة
فانه من خرج عن أمر الله فقد ضل سواء السبيل
ومثل هذا ليس له إلا التنكيل
والسجن الطويل مستقره ومقيله وبئس المقيل
وقد رسمنا بأن ينادى في دمشق المحروسة والبلاد الشامية
وتلك الجهات الدنية والقصية بالنهي الشديد
والتخويف والتهديد
لمن إتبع إبن تيمية في هذا الأمر الذي أوضحناه
ومن تابعه تركناه في مثل مكانه
صفحه ۴۰