ثم ان كان المال المدفوع زكاة فلا تبرأ الذمة بدفعة إليهم لأنهم ليسوا من أهلها فليتنبه لذلك فإنه قد يخفي مع ظهوره وقد تشكك في ذلك وتلاعب الشيطان به فلنأخذ بجانب الإحتياط منه فإنه طريق السلامة والله أعلم وأعلم أني أردت أن أذكر ما هم عليه من التلبيسات والخديعة والمكر لكان لي في ذلك مزيد وكثرة وفيما ذكرته أنموذج ينبه بعضه على غيره لا سيما لمن له أدنى فراسة وحسن نظر بموارد الشرع ومصادره التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضها صرح به تصريحا ظاهرا لا يخفى إلا على أكمه لا يعرف القمر وفي الصحيحين من حديث علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء وليس صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية وفي الصحيحين من حديث إبن عمر رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر ألا إن الفتنة هنا ويشير إلى المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان وفي رواية إن الفتنة ههنا ثلاثا وفي رواية خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة رضي الله عنها فقال رأس الكفر ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان وهذا المبتدع من حران الشرق بلدة لا تزال يخرج منها أهل البدع كجعد وغيره وفي سنن أبي داود من حديث أبي سعيد الخدري وأنس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال سيكون في أمتي إختلاف وفرقة يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق طوبى لمن قتلهم أو قتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء من قتلهم كان أولى بالله منهم قالوا يا رسول الله وما سيماهم قال التحليق والتسبيد فإذا رأيتموهم فأنيموهم أي اقتلوهم والتسبيد هو الحلق واستئصال الشعر وقيل ترك التدهن وغسل الرأس وغير ذلك والأحاديث في ذلك كثيرة وفي واحد كفاية لمن أراد الله عزوجل به الرشد والهداية فقد أوضحهم سيد الناصحين صلى الله عليه وسلم بإعتبار أوصافهم وأماكنهم إيضاحا جليا لا خفاء فيه ولا جهالة فلا يتوقف في معرفتهم بعد ذلك إلا من أراد الله تعالى إضلاله وإذا تمهد لك هذا أيها الراغب في فكاك نفسك من ربقة عقائد أهل الزيغ الضالين المضلين والإقتداء بأهل السلامة في الدين
فاعلم أني نظرت في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ المتتبع ما تشابه في الكتاب والسنة إبتغاء الفتنة وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم ممن أراد الله عزوجل إهلاكه فوجدت فيه مالا أقدر على النطق به ولا لي أنامل تطاوعني على رسمه وتسطيره لما فيه من تكذيب رب العالمين في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين وكذا الإزدراء بأصفيائه المنتخبين وخلفائهم الراشدين وأتباعهم الموفقين فعدلت عن ذلك إلى ذكر ما ذكره الأئمة المتقون وما اتفقوا عليه من تبديعه وإخراجه ببعضه من الدين فمنه ما دون في المصنفات ومنه ما جاءت به المراسيم العليات وأجمع عليه علماء عصره ممن يرجع إليهم في الأمور الملمات والقضايا المهمات وتضمنه الفتاوي الزكيات من دنس أهل الجهالات ولم يختلف عليه أحد كما إشتهر بالقراءة والمناداة على رءؤس الأشهاد في المجامع الجامعة حتى شاع وذاع وإتسع به الباع حتى في الفلوات فمن ذلك نسخة المرسوم الشريف السلطاني ناصر الدنيا والدين محمد بن قلاوون رحمه الله تعالى وقرئ على منبر جامع دمشق نهار الجمعة سنة خمس وسبعمائة صورته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير
وتعالى عن المثل فقال تعالى
ﵟليس كمثله شيء وهو السميع البصيرﵞ
أحمده على ما ألهمنا من العمل بالسنة والكتاب
ورفع في أيامنا أسباب الشك والإرتياب
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير
صفحه ۳۸