دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

محمد الأمين الشنقيطي d. 1393 AH
86

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

ناشر

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

محل انتشار

توزيع

ژانرها

عَمِلُوا بَعْدَكُمْ؟ وَمَا أَحْدَثُوا بَعْدَكُمْ؟ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا. ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ عَنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ مَا يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [٤ \ ١٤٥]، وَقَوْلِهِ: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [٤٠ \ ٤٦] . وَالْجَوَابُ: أَنَّ آيَةَ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ وَآيَةَ: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ وَالْمُنَافِقِينَ فِي أَسْفَلِ دَرَكَاتِ النَّارِ فِي أَشَدِّ الْعَذَابِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَتَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَشَدُّ عَذَابًا مِنَ الْآخَرِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ الْآيَةَ، فَيُجَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ كَثِيرٍ: أَنَّ الْمُرَادَ بِـ: الْعَالَمِينَ عَالَمُو زَمَانِهِمْ وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [٢ \ ١٤٧]، كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: مَا قَالَهُ الْبَعْضُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْعَذَابُ الدُّنْيَوِيُّ الَّذِي هُوَ - مَسْخُهُمْ خَنَازِيرَ، وَلَكِنْ يَدُلُّ لِأَنَّهُ عَذَابُ الْآخِرَةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ أَنَّهُ قَالَ: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ: الْمُنَافِقُونَ وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ وَآلُ فِرْعَوْنَ» . وَهَذَا الْإِشْكَالُ فِي أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ كَفَرَ بَعْدَ نُزُولِهَا، أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ خَافُوا مِنَ الْوَعِيدِ فَقَالُوا: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي نُزُولِهَا فَلَمْ تَنْزِلْ فَلَا إِشْكَالَ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنِّي مُنَزِّلُهَا [٥ \ ١٥] يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِنُزُولِهَا لَا يَتَوَجَّهُ الْإِشْكَالُ إِلَّا إِذَا ثَبَتَ كُفْرُ بَعْضِهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى.

1 / 88