دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
ناشر
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
محل انتشار
توزيع
ژانرها
وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ. وَمِمَّنْ خَالَفَهُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ ﵂ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ ﵀، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ الْآيَةَ [٤ ٥٩]، فَنَرُدُّ هَذَا النِّزَاعَ إِلَى اللَّهِ فَنَجِدُهُ حَرَّمَ مَا أَهَلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ اللَّهِ، يَدْخُلُ فِيهِ الْمَلَكَ وَالنَّبِيَّ، كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ الصَّنَمُ وَالنُّصُبُ وَالشَّيْطَانُ وَقَدْ وَافَقُونَا فِي مَنْعِ مَا ذَبَحُوهُ بِاسْمِ الصَّنَمِ، وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ، وَبَيْنَ الصَّنَمِ وَالنُّصُبِ، فَلَزِمَهُمُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ لَيْسَ بِمُخَصِّصٍ لِقَوْلِهِ: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ بَعْضَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ.
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْحُكْمِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ، لَا يُخَصَّصُ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ إِلَّا التَّخْصِيصَ وَأُجِيبَ مِنْ قِبَلِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْبَعْضِ نَفْيُ احْتِمَالِ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْعَامِّ، فَإِذَا حَقَّقْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْبَعْضِ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ سَوَاءٌ ذُكِرَا فِي نَصٍّ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى [٢ \ ٢٣٨] أَوْ ذُكِرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، كَحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ: أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ ﷺ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا الْحَدِيثَ.
فَذِكْرُ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى الْأَوَّلُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ،
وَذِكْرُ إِهَابِ الشَّاةِ فِي الْأَخِيرِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِإِهَابِ غَيْرِ الشَّاةِ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْبَعْضِ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ.
وَكَذَلِكَ رُجُوعُ ضَمِيرِ الْبَعْضِ لَا يُخَصِّصُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [٢ ٢٢٨]، فَإِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى قَوْلِهِ: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ [٢ \ ٢٢٨]، وَهُوَ لِخُصُوصِ الرَّجْعِيَّاتِ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ مَعَ أَنَّ
1 / 80