دعوت به فلسفه
دعوة للفلسفة: كتاب مفقود لأرسطو
ژانرها
إذا رأى معه كل البؤس الذي ركب منه؟ إن الشرف والشهرة،
198
اللذين اعتاد الناس على السعي وراءهما أكثر من أي شيء آخر، يطفحان (في الواقع) بحمق لا يوصف؛ لأن من رأى شيئا من الأمور الأبدية سيجد من السذاجة أن يبذل جهدا في سبيل هذه الأشياء، وأي شأن من شئون الإنسان دائم أو طويل العمر؟ إن ضعفنا وقصر حياتنا هما - في رأيي - اللذان يجعلان هذا الشيء يبدو لنا عظيما، (ب106) لو أخذنا هذا في الاعتبار فمن ذا الذي يملك أن يزعم بأنه سعيد ومبارك؟ من منا نحن الذين نشأنا سواء بحكم الطبيعة منذ البداية (كما يقال عندما يسمح لأحد الناس بالانتماء إلى عبادة الأسرار) وكأن علينا أن نكفر عن ذنب جنيناه؟
199
ألا إنها لحكمة إلهية من القدماء عندما قالوا إن على النفس أن تقدم الكفارة، وإن حياتنا عقاب لنا على ذنوب كبيرة ارتكبناها. (ب107) وإن الصورة التالية لتوضح في رأيي ارتباط النفس بالجسم توضيحا تاما؛ فكما يروى عن الثوريين من أنهم كثيرا ما كانوا يلجئون إلى تعذيب المساجين بربط الأحياء (منهم) بجثث الموتى بحيث يجعلون الوجه في مواجهة الوجه ويقيدون العضو بالعضو، فكذلك يبدو أن النفس منتشرة في الجسد وملتصقة بكل أعضائه الحاسة،
200 (ب108) وإذن فليس عند البشر ما هو إلهي أو مبارك سوى هذا الشيء الواحد الذي يستحق وحده أن يبذلوا الجهد «من أجله»، وأقصد به ما يوجد فينا من العقل وملكة التفكير، ويبدو أنه وحده الخالد، وهو وحده الإلهي من كل ما ينطوي عليه كياننا.
201 (ب109) وإن حياتنا، على الرغم من أنها بطبيعتها شقية ومضنية قد نظمت بفضل قدرتنا على المشاركة في هذه الملكة - تنظيما بلغ من الروعة حدا يجعل الإنسان يبدو إلهيا بالقياس إلى سائر الكائنات الحية؛ (ب110) ذلك أن الشعراء يقولون بحق: «إن العقل هو الإله «الكامن» فينا،
202
كما يقولون إن حياة الإنسان (الغائية) تنطوي على جزء من الإله.» هكذا ينبغي على الإنسان إما أن يتفلسف أو يودع الحياة ويمضي من هنا؛
203
صفحه نامشخص