دعای به سوی راه مؤمنان
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
ژانرها
نعم ينبغي للمؤمن الانكفاف عن بعض المباح أحيانا تحفظا للنفس عن الخسة وتهذيبا لها عن دنس الطبيعة وتوطينها على الاقتصاد الذي هو وسط بين رذيلتين : التقتير والتبذير ، { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } ( الإسراء/ 29)(1) وحديث ( إياكم والتنعم فإن عباد الله ليسوا بمتنعمين )(2) محمول على ما قلناه
(1) في معنى ما قلناه قوله (عليه الصلاة والسلام) ( ما عال من اقتصد ) أخذ المعنى ابن الوردي في لاميته المشهورة الجليلة :
بين تبذير وبخل رتبة فكلا هذين إن زاد قتل
(2) الحديث في الجامع الصغير وفي جامع الشمل أورده شيخنا على قاعدة العمل بالحديث الضعيف في باب الترغيب والترهيب .
1. وحمله على حرمة التنعم خطأ هائل ، ولاريب أن ترك التنعم رهبانية وقد قال عليه - الصلاة والسلام- ( لارهبانية في الإسلام ) ولنا برسول الله أسوة حسنة أولا ترى إلى قوله تعالى: { وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } ( الجاثية / 13)وقوله : { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم } ( البقرة/ 29 )
وغيرهما من الآيات كيف يتبادر إلى الذهن النفع الذي تدل عليه اللام وكيف تشرق في سماء الأذهان النقية تلك الحكمة البالغة .
على أن ما ينتقده الجامدون ليس بتنعم وإنما هي بساطة في المعيشة عادية ربما عدت تقتيرا ، وهل يريد هؤلاء أن تكون معيشة العقلاء كمعيشة الحيوان الأعجم ؟ وما هذا إلا تنطع وليس من صفات الإسلام التي هي سعادة ونعيم : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) .
صفحه ۸۶