( 1) فن التاريخ قسمان أثري وهو ما يستمد من استكشافات الباحثين عن آثار الأمم وهو الأصح لأن ما يوجد من ذلك أعظم شاهد محسوس، به تعرف حالة تلك الأمم ومبلغها من العلم والحضارة، والبأس الخ وروائي ولا يخلو من الحشو والخرافات التي لاوجود لها ، ومن هذا كثير في كتب التاريخ الإسلامي استنادا على الظنيات ، أو موافقة الهوى ، أو ثقة بالراوي مع إهمال التحقيق ، ومنه أكثر ما يرويه غيرنا في الأصحاب تعصبا أو طاعة للهوى أو جهلا بالحقيقة التي لو بحثوا عنها بإنصاف وتجرد لشاهدوا روح الإسلام وسيرة أفضل الأنام وأنى يدرك الواقع من اقتنع بما بين يديه سواء أكان حقا أم باطلا ، ومن ذلك ما يعتمده كثير من المفسرين وغيرهم من المؤلفين من الإسرائيليات فصارت ملجأ للجامدين لا يقيهم حرا ولا قرا .
إن التاريخ اتخذه كثير ممن يدعي العلم مع عظم فائدته مهزءا ولعبة ياللاسف،وبلغ بهم التهاون به إلى حد تزهيد الناس فيه وهم لايعلمون من تاريخ الإسلام شيئا فكيف بتاريخ المذهب وتاريخ الوطن والأئمة وعظماء الدين ، والحال إن حياة الأمة واتصال حاضرها بماضيها متوقف عليه،والوقوف على أحوال الأمة الاسلامية وأطوارها التي تقلبت فيها وكيف تشتت وتمزقت وتجزات إلى فرق منها الضال والمحق ، كل ذلك لايقف عليه إلا من عرف التاريخ . وكفاه شرفا ما تضمن القران الكريم منه ولوله ما كنا أنعرف مثال قوم نوح وقوم لوط وغيرهم من الأقوام ولا نعرف أعمالهم الخبيثة التي اجترحوها فاستحقوا بها عذاب الله الاليم ، قال بعض الأدباء درس حياة الأجداد يربي أخلاق الأحفاد يصيبون فيها حكمة بالغة وموعظة حسنة والتاريخ يلقن الفكر الجديد وينير الطريف بالتليد .
صفحه ۳۲