فقال له رجل ممن شهد: جعلت فداك، أين يوجد مثل هؤلاء؟
فقال: في أطراف الأرضين، أولئك الخفيض (1) عيشهم، القريرة أعينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا (2)، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن وردوا طريقا تنكبوا، و (3) إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، و (4) يبيتون لربهم سجدا وقياما، قال (5): يا بن رسول الله ، فكيف بالمتشيعين بألسنتهم وقلوبهم على خلاف ذلك؟ فقال: التمحيص يأتي عليهم بسنين تفنيهم وضغائن تبيدهم واختلاف يقتلهم، أما والذي نصرنا بأيدي ملائكته لا يقتلهم الله إلا بأيديهم، فعليكم بالاقرار إذا حدثتم، وبالتصديق إذا رأيتم، وترك الخصومة فإنها تقصيكم (6)، وإياكم أن يبعثكم قبل وقت الأجل فتطل دماؤكم، وتذهب أنفسكم، ويذمكم من يأتي بعدكم، وتصيروا عبرة للناظرين، وإن أحسن الناس فعلا من فارق أهل الدنيا من والد وولد، ووالى ووازر وناصح وكافا إخوانه في الله وإن كان حبشيا أو زنجيا، وإن كان لا يبعث من المؤمنين أسود، بل يرجعون (7) كأنهم البرد قد غسلوا بماء الجنان، وأصابوا النعيم المقيم، وجالسوا الملائكة المقربين، ورافقوا الأنبياء المرسلين، وليس من عبد أكرم على الله من عبد شرد وطرد في الله حتى يلقى الله على ذلك، شيعتنا المنذرون في الأرض، سرج وعلامات ونور لمن طلب ما طلبوا، وقادة لأهل طاعة الله (8)، شهداء على من خالفهم ممن ادعى دعواهم، سكن لمن أتاهم، لطفاء بمن والاهم، سمحاء، أعفاء، رحماء، فذلك صفتهم في التوراة والإنجيل والقرآن (9) العظيم.
إن الرجل العالم من شيعتنا إذا حفظ لسانه وطاب نفسا بطاعة (10) أوليائه،
صفحه ۶۵