فبلغهم ذلك، فلما قدم عليهم نالوا منه وامتهنوه (1) وهموا به (2) وتوعدوه، فبلغ ذلك أبا عبد الله صلوات الله عليه، فلما انصرف، قال له: ما هذا الذي بلغني (3)؟ قال:
وما على من قولهم، جعلت فداك قال: أجل، بل ذلك عليهم (4)، والله ما هم لنا بشيعة، ولو كانوا لنا شيعة ما غضبوا من قولك، ولا اشمأزوا منه (5)، ولقد وصف الله شيعتنا بغير ما هم عليه، وما شيعة جعفر إلا من كف لسانه وعمل لخالقه، ورجا سيده وخاف الله حق خيفته حتى يصير كالحنية (6) من كثرة الصلاة، وكالناقة (7) من شدة الخوف، وكالضرير (8) من الخشوع، وكالضاني من كثرة (9) الصيام، وكالأخرس من طول السكوت، أم (10) هل فيهم من قد أدأب (11) ليله من طول القيام، وأدأب نهاره من الصيام، أو منع نفسه من لذات الدنيا ونعيمها، خوفا من الله وشوقا إلينا أهل البيت، أنى يكونون لنا شيعة وهم يخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوه عداوة، ويهرون هرير الكلاب (12)، ويطمعون طمع الغراب؟ أما والله إنه لولا أنى أتخوف أن أغريهم بك، لامرتك أن تدخل بيتك وتغلق بابك، ثم لا تنظر لهم في وجه ما بقيت أبدا (13)، ولكن إذا جاءوك تائبين فاقبل، فإن الله جعلنا بقية نقبل التوبة عن عباده.
وعن أبي عبد الله صلوات الله عليه وآله أنه قال لبعض أصحابه: اكتم سرنا، ولا تذعه، فإنه من كتم سرنا فلم يذعه، أعزه الله به في الدنيا والآخرة، ومن أذاع سرنا ولم يكتمه، أذله الله به في الدنيا والآخرة، ونزع النور من بين عينيه. إن أبى رضوان الله عليه وصلواته كان يقول: إن التقية من ديني (14) ودين
صفحه ۵۹