اليوم لحما وشحما، فلما علموا أنه قاتلهم، قالوا: لئن قتلتنا فأنت تحيينا، فاستتابهم فأصروا على ما هم عليه، فأمر بضرب أعناقهم، وأضرم (1) نارا في ذلك الحفير فأحرقهم فيه، وقال (2) صلوات الله عليه:
لما رأيت الامر (3) أمرا منكرا أضرمت ناري (4) ودعوت قنبرا (5) وهذا من مشهور الاخبار عنه (ص)، وكان في أعصار الأئمة من ولده مثل ذلك ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد، لعنه الله، وكان من (6) أصحاب أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ودعاته، فاستزله الشيطان فكفر وادعى النبوة، وزعم أنه يحيى الموتى، وزعم أن أبا جعفر صلوات الله عليه وآله إله، تعالى الله رب العالمين، وزعم أنه بعثه رسولا وتابعه على قوله كثير من أصحابه سموا المغيرية باسمه، وبلغ ذلك أبا جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه ولم يكن له سلطان كما كان لعلى فيقتلهم كما قتل على صلوات الله عليه الذين ألحدوا فيه، فلعن أبو جعفر صلوات الله عليه المغيرة وأصحابه، وتبرأ منه ومن قوله ومن أصحابه، وكتب إلى جماعة أوليائه وشيعته، وأمرهم برفضهم والبراءة إلى الله منهم، ولعنه (7) ولعنهم، ففعلوا، فسماهم المغيرية الرافضة لرفضهم إياه، وقبولهم ما قال المغيرة لعنه الله. وكانت بينه وبينهم وبين أصحابه مناظرة وخصومة واحتجاج، يطول ذكرها، واستحل المغيرة وأصحابه المحارم كلها وأباحوها، وعطلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الاسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحق كافة وأتباع الأئمة، وأشهر أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليه لعنهم والبراءة منهم (8).
ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمد صلوات الله عليه من أجل دعاته، فأصابه ما أصاب المغيرة، فكفر وادعى أيضا النبوة، وزعم أن جعفر بن محمد صلوات الله عليه إله، تعالى الله عن قوله، واستحل المحارم كلها، ورخص فيها، وكان أصحابه كلما ثقل عليهم أداء فريضة، أتوه وقالوا: يا أبا الخطاب، خفف علينا، فيأمرهم بتركها، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلوا جميع
صفحه ۴۹