ذلك: (1) والسابقون السابقون أولئك المقربون، فكان الحسن أسبق من الحسين، ثم نقل الله عز وجل الإمامة إلى ولد الحسين كما نقل النبوة من ولد إسحاق إلى ولد إسماعيل، وعليهم إجماع الأمة بالشهادة لهم، وأنها جارية فيهم، ولم يجمعوا بمثل هذه الشهادة لاحد سواهم.
فإن قال قائل: وما الدليل على أن الله عز وجل نقل الإمامة من ولد الحسن إلى ولد الحسين؟ قلنا له: نقلها الكتاب، فإن قال: كيف ذلك؟ إنما تكون بالسبق والطهارة من الذنوب الموبقة التي توجب النار، ثم العلم المبرز (2) قيل له:
إن الإمامة بجميع ما تحتاج إليه الأمة من حلالها وحرامها، والعلم بكتاب الله خاصه وعامه، وظاهره وباطنه، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، ودقائق علمه، وغرائب تأويله، قال السائل: وما الحجة في أن الامام لا يكون إلا عالما بهذه الأشياء التي ذكرت؟ قال: قول الله عز وجل فيمن أذن لهم بالحكومة وجعلهم أهلها: (3) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار، فالربانيون هم الأئمة دون الأنبياء الذين يربون الناس بعلمهم، والأحبار دونهم وهم دعاتهم، ثم أخبر عز وجل فقال: (4) بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء، ولم يقل بما جهلوا، ثم قال: (5) هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب، وقال: (6) بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم، وقال: (7) وما يعقلها إلا العالمون، ثم قال: (8) إنما يخشى الله من عباده العلماء، وقال: (9) أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون، فهذه الحجة بأن الأئمة لا يكونون إلا علماء،
صفحه ۳۶