ومن أنكر فضل هذه الأمة فهو من الذين قالوا: (1) نؤمن ببعض ونكفر ببعض، وأحبوا (2) أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. وهم الذين إذا قيل لهم: أتؤمنون بالله وبرسوله؟ قالوا: نعم، وإذا قيل لهم: أفتقرون بفضل آل محمد (3) الذي أنتم به مؤمنون وله مصدقون، قالوا: لا، لأنهم لا فضل لهم علينا، قال السائل: وما الحجة في أن أمة محمد هم أهل بيت محمد الذين ذكرت دون غيرهم؟ قال: قول الله، تبارك وتعالى، وهو أصدق القائلين: (4) وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، فلما أجاب الله دعوة إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة، وأن يبعث فيها رسولا منها (5)، يعنى من تلك الأمة، يتلو عليها آياته ، ويزكيها ويعلمها الكتاب والحكمة، أردف إبراهيم دعوته الأولى لتلك الأمة التي سأل لها من ذريته بدعوة أخرى يسأل لهم التطهير من الشرك بالله ومن عبادة الأصنام، ليصح أمرهم فيها، ولئلا يتبعوا غيرها، فقال (6) وأجنبني وبنى أن نعبد الأصنام، الذين دعوتك لهم، ووعدتني أن تجعلهم أئمة وأمة مسلمة، وأن تبعث فيها رسولا منها، وأن تجنبهم عبادة الأصنام، (7) رب إنهن أضللن كثيرا من الناس، فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم، فذلك دلالة على أنه لا تكون الأئمة والأمة المسلمة التي بعث فيها محمد إلا من ذرية إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام من سكان الحرم ممن لم يعبد غير الله قط لقوله: (8) وأجنبي وبنى أن نعبد الأصنام، والحجة في المسكن والديار قول إبراهيم: (9) ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا
صفحه ۳۳