دعائم التمكين
دعائم التمكين
ناشر
الجامعة الإسلامية
شماره نسخه
العدد المائة وعشرة-السنة الثانية والثلاثون
سال انتشار
١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م
محل انتشار
المدينة المنورة
ژانرها
وإيراد صيغتي المبالغة للدلالة على أنَّهم كذلك في الواقع لا لإخراج مَن خان دون خيانتهم، أو كفر دون كفرهم١.
وهكذا تضمَّنت الآية وعدًا من الله بنصر المؤمنين، ووعيدًا بخذلان الكافرين الخائنين، والخيانة - هنا - تصدق بالأصالة على الخيانة الكبرى. وهي خيانة الأمانة الإلهية التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها الإنسان. مما يجب على الإنسان الوفاء به من حقوق الله تعالى، وحقوق العباد في كُلِّ آن.
وتصدق بالتبع على بقية صنوف الخيانات مِمَّا يتفرَّع عنها ويظهر أثره في مختلف التصرفات٢.
٢ - ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩] .
الآية على تقدير محذوف: أي أذن لهم في القتال بسبب أنَّهم ظلموا. قال ابن عباس ﵄: "هذه أول آية نزلت في الجهاد"٣.
وقال أكثر المفسرين: هم أصحاب رسول الله ﷺ. كان مشركو مكَّة يؤذونهم أذىً كثيرًا، وكانوا يأتون إليه بين مضروب ومشجوج، ويتظلَّمون إليه، فيقول لهم: "اصبروا فإنِّي لم أومر بقتالهم"، حتى هاجروا، فأُنْزِلَت هذه الآية٤.
وقال في أحكام القرآن: "إنَّ الله ﷾ لَمَّا بعثَ محمَّدًا ﷺ بالحجَّة، دعا قومه إلى الله دعاءً دائمًا عشرة أعوام لإقامة حجة الله، ووفاءً بوعده الذي امتن به بفضله في قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ...﴾ [الإسراء:١٥] .
_________
١ فتح القدير ٣/٤٥٦
٢ التيسير في أحاديث التفسير ٤/١٧٨
٣ صفوة التفاسير ٢/٢٩١
٤ صفوة التفاسير ٢/٢٩١، وانظر تفسير ابن كثير ٣/٢٢٥.
1 / 31