چشمان تفسیرها
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرها
[سورة الأنعام (6): آية 137]
وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون (137)
قوله (وكذلك زين لكثير من المشركين) الآية نزلت «1» تعييرا لأهل الجاهلية وتهجينا لأعمالهم حيث كانوا يقتلون أولادهم مخافة الفقر ولحمية الجاهلية يدفنون بناتهم أحياء «2»، أي مثل ذلك التزيين الذي ثبت لهم من الشيطان في قسمة القربات من الزروع والأنعام بين الله وبين أصنامهم «زين» لهم معلوما مع نصب «قتل» في (قتل أولادهم شركاؤهم) مفعولا صريحا له ورفع «الشركاء» فاعلا له، والمراد شياطينهم، أي زين الشياطين لأكثر المشركين وأد البنات، وأضيفوا إليهم لطاعتهم إياهم، وقرئ مجهولا مع رفع «قتل» مقام الفاعل ونصب «أولادهم» مفعول «قتل» وجر «شركائهم» لإضافة «القتل» إليهم «3»، وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول وهو «الأولاد»، والتقدير: زين لهم قتل شركائهم أولادهم، فعلى هذا معنى قتل الشركاء أولادهم الذين أشركوهم في أموالهم فيكون نصب «أولادهم» نصب التفسير والاختصاص، أي أعني أولادهم «4»، وقيل: «الشركاء سدنة أصنامهم» «5»، لأنهم كانوا يحسنون لهم ذلك العمل.
وبعضهم رد هذه القراءة للفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير ظرف، وأجيب عنه بأن القرآن محكوم بصحته، بل بتواتره، وهو قراءة ابن عامر، والطعن فيه يكون طعنا في علماء الأمصار الذين جعلوه أحد القراء «6» السبعة المرضية وطعنا في الفقهاء الذين يعاصرونهم حيث لم ينكروا عليهم والكل أجمعوا على صحته يقرؤنها في محاربتهم، والله أكرم من أن يجمعهم على الخطأ، فلو كان كما زعم لكان قرآنا غير عربي ذا عوج، ومثله موجود في القرآن على قراءة من قرأ «ولا تحسبن الله مخلف وعده رسله» «7» بنصب «وعده»، وأيضا احتج أبو علي في كتابه على هذه القراءة بقول الشاعر «زج القلوص أبي مزادة» «8»، يعني قد جاء في الشعر الفصل على حد ما قرأه ابن عامر، فطعن الجاهل بعلة الحكم لا يكون طعنا في صحة ذلك الحكم.
قوله (ليردوهم) علة للتزيين، أي زينوا ذلك للمشركين ليهلكوهم من الردي وهو الهلاك (وليلبسوا) أي ليخلطوا (عليهم دينهم) الذي وجب أن يكونوا عليه وهو دين إبراهيم بادخال الشك فيه (ولو شاء الله ما فعلوه) أي لمنع المشركين عن القتل أو الشياطين «9» والسدنة عن التزيين منع جبر وقهر (فذرهم وما يفترون) [137] أي دعهم وما يختلقون «10» من الكذب بأن الله أمرهم بذلك إلى الوقت الذي تؤمر بقتالهم أو إلى موعد الحساب والمجازاة.
[سورة الأنعام (6): آية 138]
وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون (138)
(وقالوا هذه أنعام وحرث) هذا بيان كيفية التزيين للتحريم والتحليل بهواهم في الظاهر، أي قال المشركون هذه أنعام للبحيرة والسائبة والوصيلة، وحرث «11» لنوع من الزرع (حجر) أي حرام يوصف به الواحد والجمع والذكر والأنثى، وأرادوا به أنها عينت للأصنام فلا يتناولها أحد من الإنسان إلا بحكمهم، ويقولون (لا
صفحه ۴۰