شئتم رغدا) أي رزقا طيبا واسعا عليكم (وادخلوا الباب) أي باب القرية (سجدا) أي منحنين، نصب على الحال، يعني ناكسي رؤوسكم بالتواضع (وقولوا حطة) رفع بخبرية المبتدأ المحذوف، أي مسألتنا من الله أي يحط عنا ذنوبنا (نغفر لكم) بالياء والنون مع الجزم معلوما جواب الأمر وقرئ بالياء والتاء للتأنيث وبادغام الراء في اللام «1»، أي نستر عليكم (خطاياكم) أي ذنوبكم، جمع خطيئة وهي ضد الصواب، وهم الذين عبدوا العجل ثم تابوا (وسنزيد المحسنين) [58] أي سنطلب الزيادة لمن أحسن في فعله وإلى نفسه وغيره، وهم الذين لم يعبدوا العجل.
[سورة البقرة (2): آية 59]
فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (59)
(فبدل) أي غير (الذين ظلموا) بالمعصية أنفسهم (قولا غير الذي قيل) أي خالفوا ما أمر (لهم) من القول، وهو أن يقولوا: حطة، وأن يدخلوها بالاستغفار منحنين، وهم دخلوها زاحقيه على أستاههم قائلين: حنطة سمقاثا، أي حمراء بلغتهم (فأنزلنا على الذين ظلموا) أي غيروا ما أمروا به (رجزا) أي عذابا (من السماء) وهو الطاعون أو نار محرقة (بما كانوا يفسقون) [59] أي بسبب خروجهم عن الطاعة، روي: أنه مات منهم سبعون الفا من الطاعون «2».
[سورة البقرة (2): آية 60]
وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين (60)
ثم رجع إلى قصتهم في التيه، قيل: لما عطشوا فيه استغاثوا بموسى، فدعا ربه أن يسقي لهم «3»، فأخبر عنه فقال «4» (وإذ استسقى) أي اذكروا وقت أن طلب منا (موسى لقومه) ماء عذبا (فقلنا) له بالوحي (اضرب بعصاك) وهي التي حملها آدم من الجنة (الحجر) وهو الحجر الذي حمله في المخلاة وقول جبرائيل له: ارفعه فان لله فيه قدرة ولك معجزة حين فر بثوبه وقت الغسل في نهر وتبعه فوصله فضربه موسى بعصاه ورفعه فأدخله في مخلاته «5»، وذلك لما رماه بنو إسرائيل بالأدرة، وأراد الله إظهار براءته عنها لهم، فابتلاه بما يوجب غسله فضرب به (فانفجرت) أي سالت بعد انشقاقه، وكان مربعا مثل رأس الرجل له أربعة أوجه في كل وجه ثلث أعين (منه اثنتا عشرة عينا) لكل سبط عين (قد علم كل أناس) أي سبط (مشربهم) أي عين شربهم، قيل:
إنهم كانوا إذا نزلوا منزلا وضعوه وضربه موسى بعصاه فانفجرت «6»، فاذا ساروا حملوه ويمسك، روي في حكمة ذلك: أن الأسباط كانت بينهم عصبية ومباهاة، وكل سبط لا يتزوج من سبط آخر، وغرضه تكثير سبط نفسه، فجعل الله لكل سبط نهرا على حدة كيلا يقع بينهم جدال وتخاصم «7»، فقال تعالى قلنا لهم (كلوا) من المن والسلوى (واشربوا) من ماء العيون «8» (من رزق الله ولا تعثوا) أي لا تتمادوا بالفساد (في الأرض) والعثي أشد الفساد (مفسدين) [60] أي في حال إفسادكم، وهو حال مؤكدة، وهي التي تقرر مضمون الجملة المتقدمة اسمية كانت أو فعلية.
[سورة البقرة (2): آية 61]
وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤ بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (61)
صفحه ۵۰