موسى إلى الطور (وأنتم ظالمون [51]) أي كافرون بعبادتكم العجل.
[سورة البقرة (2): آية 52]
ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52)
(ثم عفونا عنكم) أي محونا ذنوبكم (من بعد ذلك) أي من بعد شرككم لما تبتم (لعلكم تشكرون) [52] أي إرادة أن تشكروا لله في مقابلة العفو، لأنه يوجب الشكر، وهو في الأصل تصور النعمة من المنعم وإظهارها بامتثال الأمر والنهي، وحقيقته العجز عن الشكر، قال داود عليه السلام: «سبحان من جعل العجز عن الشكر شكرا كما جعل الاعتراف بالعجز عن معرفته معرفة» «1».
[سورة البقرة (2): آية 53]
وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون (53)
(وإذ آتينا) أي واذكروا إذ أعطينا (موسى الكتاب) أي التورية (والفرقان) أي الفارق بين الحق والباطل، يعني الكتاب الجامع بين كونه كتابا منزلا وكونه فرقانا كقولك لقيت الغيث والليث تريد الرجل الجامع بين الجود والجرأة أو الفرقان تسع آيات موسى عليه السلام كالحية واليد وغيرهما، لأنها تفرق بين الحق والباطل أو المعنى: أعطينا موسى التورية ومحمدا الفرقان (لعلكم تهتدون) [53] أي لكي تبلغوا الهداية من الضلالة بعلمهما.
[سورة البقرة (2): آية 54]
وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم (54)
(وإذ قال موسى لقومه) وهم الذين ظلموا أنفسهم بعبادة العجل (يا قوم) بحذف الياء وترك الكسرة بدلا عنها والإضافة إلى نفسه للشفقة (إنكم ظلمتم) أي أضررتم «2» (أنفسكم باتخاذكم العجل) إلها للعبادة، قالوا لموسي ما نصنع، قال (فتوبوا) الفاء للسببية، لأن الظلم سبب التوبة، أي ارجعوا (إلى بارئكم) باسكان الهمزة وكسرها وبقلبها ياء وباختلاس الحركة «3»، أي إلى خالقكم «4» وعبادته، قالوا: كيف نرجع؟ قال (فاقتلوا أنفسكم) أي ليقتل بعضكم البريء من عبادة العجل بعضكم العابد له وهو تمام التوبة (ذلكم) أي الرجوع بالقتل مع رضا الله فيه (خير لكم عند بارئكم) أي خالقكم من ترككم على عذابه، فأطاعوا أمره بالقبول والرضا، قيل: فأرسل الله عليهم سحابة سوداء لئلا يبصر الأب ولده والرجل جاره وقريبه ليمكن لهم إمضاء أمر الله تعالى فيهم، فقتل بعضهم بعضا بالسيف والخنجر إلى السماء ثم تضرع موسى وهرون وبكيا من كثرة الدماء، وقالا يا ربنا البقية، فنزلت التوبة عليهم من الله، وقيل لموسى ارفع السيف عنهم «5»، والفاء في (فتاب عليكم) متعلقة بشرط محذوف، تقديره : إن فعلتم ذلك فقد تاب عليكم، أي قبل توبتكم وتجاوز عن ذنوبكم (إنه) أي الله تعالى (هو التواب) أي كثير التجاوز عن الذنوب (الرحيم [54]) أي كثير الرحمة للمطيعين أمره حيث جعل القتل كفارة لذنوبكم، قيل: «قتل منهم سبعون ألفا، وكان من قتل منهم شهيدا ومن بقي منهم مغفورا» «6».
[سورة البقرة (2): آية 55]
وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (55)
(وإذ قلتم) أي اذكروا وقت قولكم (يا موسى لن نؤمن لك) أي لن نصدقك في قولك (حتى نرى الله جهرة) أي عيانا بلا حجاب بيننا وبينه، يجوز فيها سكون الهاء وفتحها مصدر «7»، لأنها من الرؤية أو جمع
صفحه ۴۸