چشمان تفسیرها
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرها
[سورة آل عمران (3): آية 6]
هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم (6)
ثم قال مخبرا عن قدرته في ألوهيته «1» (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) لتعتبروا به فتؤمنوا «2»، أي يخلقكم بصور مختلفة من ذكر وأنثى وقصير وطويل وذميم وحسن، قيل: هذا رد على الذين قالوا عيسى الله أو ابن الله، لأن من صور في الرحم يمتنع أن يكون إلها وولدا لله لكونه مركبا وحالا في المركب وفي معرض الفناء والزوال «3» (لا إله إلا هو العزيز الحكيم) [6] أي الغالب بالنقمة على الكافر «4» والفاعل بالحكمة، يصور الخلق كما يشاء بعلمه.
[سورة آل عمران (3): آية 7]
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب (7)
(هو الذي أنزل عليك الكتاب) أي القرآن (منه) أي من الكتاب (آيات محكمات) أي متقنات واضحات لا يدخل فيها شيء من الاشتباه (هن أم الكتاب) أي تلك المحكمات أصل الكتاب الذي يحمل «5» عليه الأحكام وترد عليه المشتبهات بالتأويل (وأخر متشابهات) عطف على «آيات» و«متشابهات» صفة «أخر»، أي ومنه آيات أخر، يدخل فيها اشتباه واحتمال، يحتاج إلى التأويل، مثال المحكمات والمتشابهات، قوله تعالى «لا يأمر بالفحشاء» «6» محكم، وقوله «أمرنا مترفيها ففسقوا فيها» «7» متشابه، وتأويله أن «أمرنا» بمعنى كثرنا كما يجيء في موضعه، وقيل: المراد بالمحكم ما لا يدخله تغيير كالناسخ، والمتشابه ما يدخله التغيير كالمنسوخ «8»، والأول أظهر لقوله تعالى «وما يعلم تأويله إلا الله»، وإنما لم يجعل الله القرآن كله محكما لما في المتشابه من الإبتلاء والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه كابتلاء بني إسرائيل بالنهر في اعتقاد نبيهم، ولأن النظر في المتشابه والاستدلال به لكشف الحق يوجب عظم الأجر ونيل الدرجات عند الله.
(فأما الذين في قلوبهم زيغ) نزل في شأن المبتدعين «9» والمنافقين «10» أو في اليهود «11» والنصارى «12»، أي الذين في قلوبهم ميل عن الحق (فيتبعون ما تشابه منه) أي يتعلقون بما يوافق هواهم ظاهرا دون ما يوافق المحكم من قول أهل الحق (ابتغاء الفتنة) أي لطلب أن يفتنوا الناس ويضلوهم «13» عن دينهم (وابتغاء تأويله) أي وطلب «14» تأويل المتشابه بما يحبونه برأيهم، ثم بين أن لا سبيل لأحد إلى معرفة تأويله مستثنيا بقوله (وما يعلم تأويله) أي تأويل المتشابه (إلا الله والراسخون في العلم) أي الذين رسخوا في العلم، أي ثبتوا فيه وتمكنوا من عباده فانهم يهتدون إلى تأويله الحق، قالوا: كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: «أنا من الراسخين في العلم» «15»، وبعضهم يقف على «إلا الله» ويبتدئ «والراسخون في العلم يقولون»، جملة اسمية ويفسر المتشابه بما استأثر الله تعالى به واستبد بعلمه وحكمته كعدد الزبانية في قوله «عليها تسعة عشر» «16»، والصوم وعدد الركعات في الصلوات الخمس وقيام الساعة، والأول أوجه لما ذكرنا، وقوله «17» (يقولون آمنا به) نصب على الحال من «الراسخين»،
صفحه ۱۴۳