چشمان تفسیرها
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
ژانرها
الله (ترجعون) [245] فيجازيكم على ما قدمتم فلا تبخلوا بما وسع عليكم.
[سورة البقرة (2): آية 246]
ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين (246)
ثم أخبر عن حال بني إسرائيل المؤمنين حيث كثرت فيهم المعاصي والخطايا، فمرج أمرهم، وأخرج بعضهم من ديارهم بظهور عدو عظيم عليهم، وهم قوم جالوت، وكانوا كفار بني إسرائل، قهروا على مؤمنيهم بالقتل والسبي والإخراج من ديارهم بحكم جالوت قوله (ألم تر إلى الملإ) أي الأشراف والرؤساء (من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي) وكان ملوكهم مطيعين لأنبيائهم فقالوا لنبي (لهم) وهو يوشع بن نون أو إشمويل (ابعث) أي أرسل يعني اختر (لنا ملكا) أي سلطانا يتقدمنا «1» ويحكم علينا في تدبير الحرب، ونطيع لأمره (نقاتل في سبيل الله) بالنون والجزم في جواب الأمر وبالياء والجزم كذلك وبالرفع «2» صفة ل «ملكا» (قال) أي النبي (هل عسيتم) بفتح السين وكسرها «3»، أي هل قاربتم (إن كتب) أي فرض (عليكم القتال) وهو شرط معترضة، لأن خبر «عسى» (ألا تقاتلوا) يعني أتوقع جبنكم «4» عن القتال، فالاستفهام لتقرير أن التوقع كائن (قالوا وما لنا ألا نقاتل) أي أي داع لنا إلى ترك القتال من الأعراض (في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) قيل: أن قوم جالوت كانوا سكنين في ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين فأسروا من أبناء ملوك بني إسرائيل أربع مائة وأربعين «5» (فلما كتب عليهم القتال) في سبيل الله (تولوا) أي أعرضوا (إلا قليلا منهم) وهم ثلثمائة وثلثلة عشر على عدد أهل بدر (والله عليم بالظالمين) [246] أنفسهم بالقعود عن القتال وترك الجهاد، قاله وعيدا لهم عليه.
[سورة البقرة (2): الآيات 247 الى 248]
وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم (247) وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين (248)
(وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) حال من «طالوت»، وهو لا ينصرف للعجمة والتعريف، فلما عرفهم نبيهم أن طالوت ملكهم (قالوا) منكرين (أنى يكون له الملك) أي من أين يستحق التملك (علينا ونحن أحق بالملك منه) أي وفينا من هو أحق بالملك، وإنه فقير، والواو في «ونحن» للحال، وعطف عليه قوله (ولم يؤت) أي لم يعط (سعة من المال) أي كثرته ولا بد للملك من مال يعتضد به (قال) نبيهم ردا عليهم (إن الله اصطفاه) أي اختاره (عليكم وزاده بسطة) بالسين والصاد «6»، أي سعة (في العلم والجسم) قيل: إنه كان أعلم بني إسرائيل بالديانات وأمور الحرب في وقته، وكان أطول من كل إنسان برأسه ومنكبه «7»، وإنما ذكر هذين الأمرين فيه لأن الإنسان يكون أعظم في النفوس بالعلم وأهيب في القلوب بالجسم (والله يؤتي ملكه من يشاء) لأنه مختص به لا منازع له فيه فيعطيه لمن يستصلحه للملك (والله واسع) أي كثير الفضل والعطاء (عليم) [247] بما يصنع من الاصطفاء والإيتاء، ثم طلبوا علامة من نبيهم على كونه ملكا عليهم (وقال لهم نبيهم
صفحه ۱۲۱