العلم ينقسم الى تصور مطلق، كما يتصور الشمس والقمر والعقل والنفس؛ والى تصور مع تصديق، كما يتحقق كون السموات كالأكر بعضها في بعض، ويعلم أن العالم محدث؛ فمن التصور ما لا يتم إلا بتصور يتقدمه، كما لا يمكن تصور الجسم ما لا يتصور الطول والعرض والعمق. وليس إذا احتاج تصور الى تصور يتقدمه يلزم ذلك في كل تصور، بل لا بد من الانتهاء الى تصور يقف ولا يتصل بتصور يتقدمه، كالوجوب والوجود والإمكان، فإن هذه لا حاجة بها الى تصور شيء قبلها يكون مشتملا بتصورها، بل هذه معان ظاهرة صحيحة مركوزة في الذهن، ومتى رام أحد إظهار هذه المعاني بالكلام عليه فإنما ذلك تنبيه للذهن، لا أنه يروم إظهارها بأشياء هي أشهر منه.
صفحه ۳۰۷