چشمان گماز بر اسرار رمزاور
العيون الغامزة على خبايا الرامزة
أقول: تكلم الناظم في هذا البيت على الوصل النفاذ والخروج، فإما الوصل فإنه حرف لينٍ ينشئ عن إشباع حركة الروي أو هاءٍ تلي حرف الروي فالأول كالألف من قوله: يا دار عبلة من محتلها الجرعة والياء في قوله: كانت مباركة من الأيام والواو في قوله: طحا بك قلب في الحسان طروبُ والهاء التي تكون وصلًا هاء الإضمار كقوله: عفت الديار محلها فمقامها وهاء التأنيث كقوله:
ثلاثةٌ ليس لها رابعٌ ... الماءُ والبستانُ والخمره
وهاء السكت كقوله:
بالفاضلين أولى النهى ... في كل أمرك فاقتده
وتقع أيضًا الهاء الأصلية المتحركة ما قبلها وصلًا. قال ابن جنى: وهو كثير عنهم، كقوله:
أعطيت فيها طائعًا أو كارهًا ... حديقةٌ غلباء في جدارها
وفرسًا أنثى وعبدًا فارها
وقد علمت بذلك أن الوصل مختص بالروي المطلق، أي المتحرك، وأنه لا يكون في الروي المقيد أي الساكن ولله در السراج الوراق حيث يقول:
قلت صلني فقد تقيدت في الحب به ... والإسار في الحب ذلُ
قال يا من يجيد علم القوافي ... لا تغالط ما للمقيد وصلُ
واعلم أن حرف المد واللين إن لم يكن أصله الهمزة وكان ساكنًا محضًا فلا إشكال في وقوعه وصلًا كما تقدم، وكذا كانت الحركة مقدرة سواء كانت مما ينطق به في حال السعة أو لا. فالأولى كقوله:
وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني
والثاني كقوله:
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
وأما إن كان أصله الهمزة فإن كانت الهمزة ساكنة وقع وصلًا لأنها حينئذ أبدلت إبدالًا محضًا، وإن كانت متحركة «كواجى» من «الوجء» فيجوةز وقوعها أيضًا في حرف اللين الأصلي نحو «هاج» من الهجو كقوله:
ولولاهم لكنت كحوت بحرٍ ... هوى في مظلم الغمرات داجى
وكنت أذل من وتد بقاعٍ ... يشجج رأسه بالفهر واجى
ويحمل عل أنها أبدلت إبدالًا محضًا، وكذا قدرها سيبويه في هذ البيت ولم يقدرها مخففةً التخفيف القياسي لأنه لو خففها لكانت في حكم الهمزة، فكما لا يوصل بالهمزة نفسها كذلك لا يوصل بما هو تخفيفها. وقد جزم ابن جنى في قول الشاعر:
كيفما شيت فقولوا ... إنما الفتحُ للولو
1 / 84