366

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

رجع إلى خبر ابن إسحق: قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ؟» فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ، فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ، حَتَّى قَامَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ، فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِي قَالَ: «أَنَا آخُذُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَقِّهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ إِذَا كَانَتْ [١]، وَحِينَ رَآهُ ﵇ يَتَبَخْتَرُ قَالَ: إِنَّهَا لِمِشْيَةٍ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ» .
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَنْشَبَ الْحَرْبَ بَيْنَهُمْ: أبو عامر عبد بن عمرو بن صفي بن ملك بْنِ النُّعْمَانِ، أَحَد بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَكَانَ فِيمَا ذكر ابن إسحق عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: خَرَجَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُبَاعِدًا لِرَسُول اللَّهِ ﷺ مَعَهُ خَمْسُونَ غُلامًا مِنَ الأَوْسِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: خَمْسَةَ عَشَرَ [٢]، وَكَانَ يَعِدُ قُرَيْشًا أَنْ لَوْ لَقِيَ قَوْمَهُ لم بتخلف عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَلَقِيَهُمْ فِي الأَحَابِيشِ [٣] وَعَبْدَان أَهْل مَكَّةَ، فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالُوا: فَلا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عينا يا فاسق وكان [أبو عامر] [٤] يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ: الرَّاهِبَ. فَسَمَّاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْفَاسِقَ، فَلَمَّا سَمِعَ رَدَّهُمْ عَلَيْهِ قَالَ: لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ رَاضَخَهُمْ بالحجارة [٥] .
قال ابن إسحق: وَقَدْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لأَصْحَابِ اللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ [٦]: يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ إِنَّكُمْ قَدْ وَلَّيْتُمْ لِوَاءَنَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَصَابَنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاس مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ، إِذَا زَالَتْ زَالُوا، فَأَمَّا أَنْ تَكْفُونَا لِوَاءَنَا، وَإِمَّا أَنْ تخلو بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَنُكْفِيكُمُوهُ، فَهَمُّوا بِهِ وَتَوَعَّدُوهُ وَقَالُوا نحن نسلم إليك لواءنا،

[(١)] وعند ابن هشام: وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل، فلما أخذ السيف من يَدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أخرج عصابته تلك، فعصب بها رأسه، وجعل يتبختر بين الصفين.
قال ابن إسحاق: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول الله ﷺ حين رأى أبا دجانة يتبختر: «إِنَّهَا لِمِشْيَةٍ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي مِثْلِ هذا الموطن» .
[(٢)] وعند ابن هشام: خمسة عشر رجلا.
[(٣)] وعند ابن هشام: فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة.
[(٤)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.
[(٥)] أي رماهم.
[(٦)] وعند ابن هشام: يحرضهم بذلك على القتال.

2 / 15