عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
ناشر
دار القلم
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٤/١٩٩٣.
محل انتشار
بيروت
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمَّا رَجَعَ مَنْ حَضَرَ بَدْرًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَكَّةَ وَجَدُوا الْعِيرَ الَّتِي قَدِمَ بِهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ مَوْقُوفَةً فِي دَارِ النَّدْوَةِ، فَمَشَتْ أَشْرَافُ قُرَيْشٍ إلى أبي سفيان فقالوا: نحن طيبوا أَنْفُسٍ أَنْ تُجَهِّزُوا بِرِبْحِ هَذِهِ الْعِيرِ جَيْشًا إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَى ذَاكَ، وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ [معي] [١]، فَبَاعُوهَا، فَصَارَتْ ذَهَبًا، وَكَانَتْ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَالْمَالُ خَمْسِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِ الْعِيرِ رؤوس أَمْوَالِهِمْ، وَأَخْرَجُوا أَرْبَاحَهُمْ، وَكَانُوا يَرْبَحُونَ فِي تِجَارَاتِهِمْ لكل دينار دينارا [٢] .
قال ابن إسحق فَفِيهِمْ كَمَا ذَكَرَ لِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [٣] فَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ لِحَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُ الْعِيرِ بِأَحَابِيشِهَا [٤] وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ [٥] .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكتب الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخَبَرِهِمْ كُلِّهِ [٦] فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَعْدَ بْنَ الرَّبِيعِ بِكِتَابِ الْعَبَّاسِ.
رَجْعٌ إِلَى خَبَرِ بن إسحق: وَكَانَ أَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجُمَحِيُّ قَدْ منَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ فَقِيرًا ذَا عِيَالٍ وَحَاجَةٍ، وَكَانَ فِي الإِسَارِ [٧] فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي فَقِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَحَاجَةٍ قَدْ عَرَفْتَهَا، فَامْنُنْ عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ: يَا أَبَا عَزَّةَ، إِنَّكَ رَجُلٌ شَاعِرٌ، فَأَعِنَّا بِلِسَانِكَ، فَاخْرُجْ مَعَنَا، فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَنَّ عَلَيَّ، فَلَا أُرِيدُ أَنْ أُظَاهِرَ عَلَيْهِ، قَالَ: بَلَى، فَأَعِنَّا بِلِسَانِكَ [٨]، فَلَكَ اللَّهُ عَلَيَّ إِنْ رَجَعْتَ أَنْ أُغْنِيَكَ، وَإِنْ أُصِبْتَ أَنْ أجعل بناتك
[(١)] زيدت على الأصل من طبقات ابن سعد.
[(٢)] انظر طبقات ابن سعد (٢/ ٣٧) .
[(٣)] سورة الأنفال: الآية ٣٦.
[(٤)] وهم من اجتمع إليهم من العرب.
[(٥)] انظر سيرة ابن هشام (٣/ ٦٤) .
[(٦)] وفي الطبقات: وكتب العباس بن عبد المطلب بخبرهم كله إلى رسول الله ﷺ.
[(٧)] وعن ابن هشام: في الأساري.
[(٨)] وعن ابن هشام: فأعنا بنفسك.
2 / 6