344

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

غَزْوَةُ قَرْقَرَة الْكدر
قَالَ ابْنُ سَعْد: وَيُقَالُ: قَرَارَة الْكدْرِ، لِلنِّصْفِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، عَلَى رَأْسِ ثَلاثَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجِرِهِ، وَهِيَ بِنَاحِيَةِ مَعْدنِ بَنِي سُلَيْمٍ، قَرِيب مِنَ الأَرْحَضِيَّةِ وَرَاءَ سَدِّ مَعُونَةَ، وَبَيْنَ الْمَعْدنِ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَمَانِيَةُ بردٍ. وَكَانَ الَّذِي حَمَلَ لِوَاءَ رَسُول اللَّهِ ﷺ علي بن أبي طَالِبٍ، وَاسْتُخْلِفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ جَمْعًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَغَطَفَانَ، فَسَار إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَجِدْ فِي الْمحالِ أَحَدًا، وَأَرْسَلَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَعْلَى الْوَادِي، وَاسْتَقْبَلَهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي بَطْنِ الْوَادِي، فَوَجَدَ رِعَاءً مِنْهُمْ غُلامٌ يُقَالُ لَهُ: يَسَارٌ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: لا عِلْمَ لِي بِهِمْ، إِنَّمَا أُورِدُ لِخَمْسٍ، وَهَذَا يَوْمُ رَبعِيٌّ، وَالنَّاسُ ارْتَفَعُوا فِي الْمِيَاهِ، وَنَحْنُ عزابٌ فِي الْغَنَمِ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ ظَفَرَ بِالنَّعَمِ، فَانْحَدَرَ بِهِ إِلَى الْمَدِينَة، وَاقْتَسَمُوا غَنَائِمَهُمْ بِصرار عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المدينة، وكانت النعم خمسمائة بَعِيرٍ، فَأَخْرَجَ خُمُسَهُ، وَقَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بَعِيرَيْنِ، وَكَانُوا مِائَتَيْ رَجُلٍ، وَصَارَ يَسَارٌ فِي سَهْمِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَعْتَقَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رَآهُ يُصَلِّي، وَغَابَ رَسُول اللَّهِ ﷺ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً [١] .
وَالقرقرة: أَرْضٌ مَلْسَاءُ، وَالكدرُ: طَيْرٌ فِي أَلْوَانِهَا كُدْرَةٌ، عُرِفَ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعُ. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ يَذْكُرُ مَسِيرَهُ مَعَ رسول الله ﷺ في تلك الغزوة.

[(١)] انظر طبقات ابن سعد (٢/ ٣١) .

1 / 347