334

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

وَكَانَ الأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: هَذَا أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الاعْتِذَارِ عَنِ الْفِرَارِ وَكَانَ خَلْفٌ الأَحْمَرُ يَقُولُ: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتُ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ الْمَخْزُومِيُّ:
لَعَمْرُكَ مَا وَلَّيْتُ ظَهْرِي مُحَمَّدا ... وَأَصْحَابَهُ جُبْنًا وَلا خِيفَةَ القتل
ولكنني قلبت أمري فلم أحد ... لِسَيْفِي مَسَاغًا إِنْ ضَرَبْتُ وَلا نَبْلِي
وَقَفْتُ فَلَمَّا خِفْتُ ضَيْعَة مَوْقِفِي ... رَجَعْتُ لِعَوْدٍ كَالْهَزَبْرِ أبي الشبل
وَإِنْ تَقَارَبَا لَفْظًا وَمَعْنًى فَلَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَجْوَدَ مِنَ الأَوَّلِ، لأَنَّهُ أَكْثَرُ انْتِفَاءً مِنَ الْجُبْنِ وَمِنْ خَوْفِ الْقَتْلِ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ فِرَارَهُ بِعَدَمِ إِفَادَةِ وُقُوفِهِ فَقَطْ، وَذَلِكَ فِي الأَوَّلِ جُزْءُ عِلَّةٍ، وَالْجُزْءُ الآخَرِ قَوْلُهُ: أقتل، وَقَوْلُهُ: رَمُوا فَرَسِي بِأَشْقَرَ مُزبدِ: يَعْنِي الدَّمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُقَيَّدًا بِكَوْنِ مَشْهَدِهِ لا يَضُرُّ عَدُوَّهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالثَّانِي أَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى وَأَصْرَحُ لَفْظًا.
وَمِمَّا قَالَهُ حَسَّانٌ:
لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بدر ... غداة الأسر والقتل الشديد
بأناحين نستجر العوالي ... حماد الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ
قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يوم ساروا ... إلينا في مضاعفة للحديد
وقربها حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ ... بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالأُسُودِ
وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جُمُوعُ فِهْرٍ ... وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بَعِيدِ
وَقَالَتْ قُتَيْلَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أُخْتُ النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ:
يَا رَاكِبًا إِنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ
أَبْلِغْ بِهَا مَيِّتًا بِأَنَّ تَحِيَّةً ... مَا إِنْ تَزَالُ بِهَا النَّجَائِبُ تَخْفِقُ
مِنِّي إِلَيْكَ وَعَبْرَةً مَسْفُوحَةً ... جَادَتْ بَوَاكِفِهَا وَأُخْرَى تَخْنُقُ
هَلْ يَسْمَعَنَّ النَّضْرُ إِنْ نَادَيْتُهُ ... أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لا ينطق
أمحمد يا خير ضنيء كَرِيمَةٍ ... فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا ... مَنّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنِقُ
أَوْ كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ فَلْنَنْفِقَنْ ... يَا عِزَّ مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفِقُ
فَالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرْتَ قَرَابَةً ... وَأَحَقُّهُمْ إِنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ

1 / 337