312

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ بَعْدِي لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّد حَتَّى أَقْتُلَهُ، فَإِنَّ لِي فِيهِمْ عِلَّةً ابْنِي أَسِيرٌ فِي أَيْدِيهِمْ، قَالَ: فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ، فَقَالَ: عَلَيَّ دَيْنُكَ أَنَا أَقْضِيهِ عَنْكَ، وَعِيَالُكَ مَعَ عِيَالِي أُوَاسِيهِمْ مَا بَقُوا لا يَسَعُنِي شَيْءٌ وَيَعْجز عَنْهُمْ، قَالَ عُمَيْرٌ: فَاكْتُمْ عَنِّي شَأْنِي وَشَأْنَكَ، قَالَ: افْعَلْ، قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ عُمَيْرٌ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ لَهُ وَسُمَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يَوْمِ بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَمَا أَرَاهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، إِذْ نَظَرَ عُمَرُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ حِينَ أَنَاخَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ، فَقَالَ: هَذَا الْكَلْبُ عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْر بْنُ وَهْبٍ مَا جَاءَ إِلَّا لِشَرٍّ، وَهَذَا الَّذِي حَرَّشَ بَيْنَنَا وَحَزَرَنَا لِلْقَوْمِ يَوْمَ بَدْرٍ،
ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ عَلَى رَسُول الله ﷺ فقال: يا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذَا عَدُوُّ اللَّهِ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ، وَقَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ، قَالَ: «فَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ» قَالَ: فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ فَلَبَّبَهُ بِهَا، وَقَالَ لِرِجَالٍ مِمَّنْ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا عَلَيْهِ هَذَا الْخَبِيثَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَعُمَرُ آخِذٌ بِحَمَّالَةِ سَيْفِهِ فِي عُنُقِهِ قَالَ: «أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، ادْنُ يَا عُمَيْرُ، ادْنُ يَا عُمَيْرُ» فَدَنَا ثُمَّ قَالَ: أنعمُوا صَبَاحًا وَكَانَتْ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِتَحِيَّةٍ خَيْرٍ مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ بِالسَّلامِ، تَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ بِهَا يَا مُحَمَّد لَحَدِيثُ عَهْدٍ، قَالَ: «فَمَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ، قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الأَسِيرِ الَّذِي فِيكُمْ، فَأَحْسِنُوا فِيهِ، قَالَ: «فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِي عُنُقِكَ»؟
قَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ سُيُوفٍ، وَهَلْ أَغْنَتْ عَنَّا شَيْئًا، قَالَ: «أَصْدِقْنِي، مَا الَّذِي جِئْتَ لَهُ»؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ، قَالَ: بَلَى، قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِي الْحِجْرِ، فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلا دَيْنٌ عَلَيَّ وَعِيَالٌ لِي، لَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدا، فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِي لَهُ، وَاللَّهُ حَائِلٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلِكَ» قال عمير: أشهد أنك رسول الله ﷺ، قد كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبُكَ بِمَا تَأْتِي بِهِ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ وَمَا يُنَزَّلُ عَلَيْكَ مِنَ الْوَحْيِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضَرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانِي لِلإِسْلامِ، وَسَاقَنِي هَذَا الْمَسَاقَ، ثُمَّ تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه الْقُرْآنَ، وَأَطْلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ» فَفَعَلُوا ذَلِكَ،
ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ، شَدِيدَ الأَذَى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تأذن لي

1 / 315