279

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

يَظُنُّوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَلْقَى حَرْبًا. وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ دنا من الحجاز يتحسس [١] الأَخْبَارَ، وَيَسْأَلُ مَنْ لَقِيَ مِنَ الرُّكْبَانِ تَخَوُّفًا [على] [٢] أَمْرِ النَّاسِ، حَتَّى أَصَابَ خَبَرًا مِنْ بَعْضِ الرُّكْبَانِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدِ اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ لَكَ وَلِعِيرِكَ، فَحَذِرَ عِنْدَ ذَلِكَ، فَاسْتَأْجَرَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ فَبَعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قُرَيْشًا فَيَسْتَنْفِرَهُمْ إِلَى أَمْوَالِهِمْ وَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ عَرَضَ لَهَا فِي أَصْحَابِهِ، فَخَرَجَ ضَمْضَمُ بْنُ عَمْرٍو سَرِيعًا إِلَى مَكَّةَ. [٣] وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: فَخَرَجَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ سِرَاعًا، وَمَعَهُمُ الْقِيَانُ وَالدُّفُوفُ، وَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ بِالْعِيرِ، وَقَدْ خَافُوا خَوْفًا شَدِيدًا حِينَ دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَاسْتَبْطَئُوا ضَمْضَمًا وَالنَّفِيرُ حتى [ورد] [٤] بدرا وهو خائف [من الرصد] [٥] فقال لمجدي ابن عَمْرٍو: هَلْ أَحْسَسْتَ أَحَدًا مِنْ عُيُونِ مُحَمَّدٍ [٦] . قال ابن إسحق: فَأَخْبَرَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالا: وَقَدْ رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مَكَّةَ بِثَلاثِ لَيَالٍ رُؤْيَا أَفْزَعَتْهَا، فَبَعَثَتْ إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَخِي، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا لقد أفظعتني، وَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى قَوْمِكَ مِنْهَا شَرٌّ ومصيبة، فأكتم عني ما أحدثك [به] [٧]، فَقَالَ لَهَا: وَمَا رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتَّى وَقَفَ بِالأَبْطَحِ، ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَلَا انْفِرُوا يَا آلَ غُدَرَ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاثٍ، فَأَرَى النَّاسَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالنَّاسُ يَتْبَعُونَهُ، فَبَيْنَا هُمْ حَوْلَهُ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ [٨] عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ صَرَخَ بِمِثْلِهَا: أَلَا انْفِرُوا يَا آلَ غُدَرَ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاثٍ، ثُمَّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ، فصرخ

[(١)] وردت في الأصل: يتجسس، وما أثبتناه من سيرة ابن هشام. [(٢)] وردت في الأصل: من، وما أثبتناه من سيرة ابن هشام. [(٣)] انظر سيرة ابن هشام (٢/ ٢٥٧) . [(٤)] وردت في الأصل: وردوا، وما أثبتناه من طبقات ابن سعد. [(٥)] زيدت على الأصل من طبقات ابن سعد. [(٦)] انظر طبقات ابن سعد (٢/ ١٢) . [(٧)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام. [(٨)] أي قام به بعيره.

1 / 282