252

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

خبر عبد الله بن أبي بن سَلُول وَأَبِي عَامِرٍ الْفَاسِقِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الراهب قال ابن إسحق: وقدم رسول الله ﷺ الْمَدِينَةَ كَمَا حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَسَيِّدُ أَهْلِهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بن سَلُولٍ، لا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ فِي شَرَفِهِ مِنْ قَوْمِهِ اثْنَانِ، لَمْ يَجْتَمِعِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حَتَّى جَاءَ الإِسْلامُ غَيَّرَهُ، وَمَعَهُ فِي الأَوْسِ رَجُلٌ هُوَ فِي قَوْمِهِ مِنَ الأَوْسِ شَرِيفٌ مُطَاعٌ: أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ عُمَرَ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ أَحَدُ بَنِي ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ أَبُو حَنْظَلَةَ الْغَسِيلُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ قَدْ تَرَهَّبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَبِسَ الْمُسُوحَ، فَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الرَّاهِبُ فَشَقِيَا بِشَرَفِهِمَا، أَمَّا ابْنُ أُبَيٍّ فَكَانَ قَوْمُهُ قَدْ نَظَمُوا لَهُ الْخَرَزَ لِيُتَوِّجُوهُ ثُمَّ يُمَلِّكُوهُ عَلَيْهِمْ، فَجَاءَهُمُ اللَّهُ بِرَسُولِهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَوْمُهُ عَنْهُ إِلَى الإِسْلامِ ضَغِنَ، وَرَأَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ سَلَبَهُ مُلْكًا عَظِيمًا، فَلَمَّا رَأَى قَوْمَهُ قَدْ أَبَوْا إِلَّا الإسلام دخل فيه كارها مصرا على النفاق، وَأَمَّا أَبُو عَامِرٍ فَأَبَى إِلَّا الْكُفْرَ وَالْفِرَاقَ لِقَوْمِهِ حِينَ اجْتَمَعُوا عَلَى الإِسْلامِ، فَخَرَجَ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ بِبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا مُفَارِقًا لِلإِسْلامِ، فقال رسول الله ﷺ: «لا تَقُولُوا الرَّاهِبَ، وَلَكِنْ قُولُوا الْفَاسِقَ» وَكَانَ قَدْ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: «جِئْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ ﵇» قَالَ: فَأَنَا عَلَيْهَا، قال له رسول الله ﷺ: «إِنَّكَ لَسْتَ عَلَيْهَا» قَالَ: بَلَى، إِنَّكَ أَدْخَلْتَ يَا مُحَمَّدُ فِي الْحَنِيفِيَّةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، قَالَ: «مَا فَعَلْتَ، وَلَكِنِّي جِئْتُ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً» قَالَ: الْكَاذِبُ أَمَاتَهُ اللَّهُ طَرِيدًا غَرِيبًا وَحِيدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَجَلْ»، فَكَانَ هُوَ ذَلِكَ، خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مكة خرج إلى أالطائف، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، فمات بها طريدا غريبا وحيدا.

1 / 255