186

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

ذكر البراء بن معرور وصلاته إلى القبلة وذكر العقبة الثالثة قال ابن إسحق: ثُمَّ إِنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ، وَخَرَجَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْمَوْسِمِ مَعَ حُجَّاجِ قَوْمِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ حَتَّى قَدِمُوا مَكَّةَ، فَوَاعَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الأَنْصَارِ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا حدثه، وكان ممن شهد الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِهَا، قَالَ: خَرَجْنَا مِنْ حُجَّاجِ قَوْمِنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفُقِّهْنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُنَا وَكَبِيرُنَا، فَلَمَّا وَجَّهْنَا لِسَفَرِنَا وَخَرَجْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ الْبَرَاءُ لَنَا: يَا هَؤُلاءِ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَتُوَافِقُونِي عَلَيْهِ أَمْ لا؟ قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَنْ لا أَدَعَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ مِنِّي بِظَهْرٍ (يَعْنِي الْكَعْبَةَ) وَأَنَّ أصلّى إليها، قال: قلنا: والله ما بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّنَا يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ، وَمَا نُرِيدُ أَنْ نُخَالِفَهُ، قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي لَمُصَلٍّ إِلَيْهَا، قَالَ: قُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لا نَفْعَلُ، قَالَ: فَكُنَّا إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: وَقَدْ كُنَّا عِبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ، وَأَبَى إِلَّا الإِقَامَةَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: فلما قدمنا مكة قال لي: يا ابن أَخِي انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى أَسْأَلَهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ خِلافِكُمْ إِيَّايَ فِيهِ، قَالَ: فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكُنَّا لا نَعْرِفُهُ وَلَمْ نَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَقِينَا رَجُلا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّهُ، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ، كَانَ لا يَزَالُ يَقْدَمُ عَلَيْنَا تَاجِرًا، قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمَا الْمَسْجِدَ هُوَ الرَّجُلُ الْجَالِسُ مَعَ الْعَبَّاسِ قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَسْجِدَ، فَإِذَا الْعَبَّاسُ جَالِسٌ، ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَهُ، فَسَلَّمْنَا ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فقال رسول

1 / 189