عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ابن سید الناس d. 734 AH
162

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٤/١٩٩٣.

محل انتشار

بيروت

الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فَرَكِبْتُهُ، فَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مُدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَ فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا أَخَذَ فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ، وَجَبْرِيلُ ﵇ لا يَفُوتُنِي، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنَشَرَ لِي رَهْطٌ [١] مِنَ الأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى ﵈، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الأَبْيَضَ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ ﵇: شَرِبْتَ اللَّبَنَ وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ رَكِبْتُهُ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الحرام فصليت فيه الْغَدَاةَ»، فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ ابْنَ عَمِّ أَنْ تُحَدِّثَ بِهَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبُكَ مَنْ صَدَّقَكَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ [٢] فَوْقَ رِدَائِهِ وَكَأَنَّهُ طَيُّ الْقَرَاطِيسِ، وَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ كَادَ يَخْطَفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ ساجدا، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْحَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةٌ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ [٣] فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى ﵈ فَصَلَّيْتُ بهم وكلمتهم»، فقال عمر بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ: صِفْهِمْ لِي؟ فَقَالَ: «أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ظَاهِرُ الدَّمِ جَعْدُ الشَّعْرِ يَعْلُوهُ صُهْبَةٌ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَمَّا مُوسَى ﵇ فَضَخْمٌ آدَمُ طَوِيلٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ [٤]، كَثِيرُ الشَّعْرِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُتَرَاكِبُ الأَسْنَانِ مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ خَارِجُ اللِّثَةِ عَابِسٌ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ ﵇ فوالله

[(١)] الرهط: الجماعة من ثلاثة أو سبعة إلى عشرة أو ما دون، والجمع أرهط وأرهاط. [(٢)] العكنة: ما انطوى وتثني من لحم البطن سمنا. [(٣)] الحطيم: موضع مشهور بالمسجد الحرام بقرب الكعبة الكريمة، روى الأزرقي في كتاب مكة عن ابن جريج قال: الحطيم ما بين الركن الأسود والمقام وزمزم والحجر، سمي حطيما لأن الناس يزدحمون على الدعاء فيه ويحطم بعضهم بعضا، والدعاء فيه مستجاب. (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٣/ ٨٥) . [(٤)] شنوءة: قبيلة من الأزد.

1 / 165