يسلخ عَنهُ لِبَاسه الَّذِي يُسَمِّيه اليونانيون الشيخوخة كَذَلِك أَيْضا قد يُمكن النَّاس بِاسْتِعْمَال صناعَة الطِّبّ إِذا سلخوا عَنْهُم الشيخوخة الَّتِي تفيدهم إِيَّاهَا الْأَمْرَاض أَن يستفيدوا الصِّحَّة
وَإِذا صوروا أسقليبيوس جعل على رَأسه إكليل متخذ من شجر الْغَار لِأَن هَذِه الشَّجَرَة تذْهب بالحزن وَلِهَذَا نجد هرمس إِذْ سمي المهيب كلل بِمثل هَذَا الإكليل فَإِن الْأَطِبَّاء يَنْبَغِي لَهُم أَن يصرفوا عَنْهُم الأحزان
كَذَلِك كلل اسقليبوس بإكليل يذهب بالحزن أَو لِأَن الإكليل كَانَ يعم صناعَة الطِّبّ وَالْكهَانَة رَأَوْا أَنه يَنْبَغِي أَن يكون الإكليل الَّذِي يتكلل بِهِ الْأَطِبَّاء والمتكهنون إكليلا وَاحِدًا بِعَيْنِه أَو لِأَن هَذِه الشَّجَرَة أَيْضا فِيهَا قُوَّة تشفي الْأَمْرَاض
من ذَلِك إِنَّك تجدها إِذا ألقيت فِي بعض الْمَوَاضِع هربت من ذَلِك الْموضع الْهَوَام ذَوَات السمُوم وَكَذَلِكَ أَيْضا النبت الْمُسَمّى قونورا وَثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة أَيْضا وَهِي الَّتِي تسمى حب الْغَار إِذا مرخ بهَا الْبدن فعلت فِيهِ شَبِيها بِفعل الْجند بيدستر
وَإِذا صوروا ذَلِك التنين جعلُوا بِيَدِهِ بيضه يومون بذلك إِلَى أَن هَذَا الْعَالم كُله يحْتَاج إِلَى الطِّبّ وَمِثَال الْكل مِثَال الْبَيْضَة
وَقد يَنْبَغِي لنا أَن نتكلم أَيْضا فِي الذَّبَائِح الَّتِي تذبح باسم أسقليبيوس تقربا إِلَى الله ﵎ فَنَقُول أَنه لم يُوجد أحد قرب لله قربانا باسم أسقليبيوس فِي وَقت من الْأَوْقَات شَيْئا من الماعز وَذَلِكَ لِأَن شعر هَذَا الْحَيَوَان لَا يسهل غزله بِمَنْزِلَة الصُّوف
وَمن أَكثر من لَحْمه سهل وُقُوعه فِي أمراض الصرع لِأَن الْغذَاء الْمُتَوَلد عَنهُ رَدِيء الكيموس مجفف غليظ حريف يمِيل إِلَى الدَّم السوداوي
قَالَ جالينوس بل إِنَّمَا نجد النَّاس يقربون إِلَى الله ﵎ باسم أسقليبيوس ديكة ويروون أَيْضا أَن سقراط قرب لَهُ هَذِه الذَّبِيحَة فبهذه الْحَال علم هَذَا الرجل الإلهي النَّاس صناعَة الطِّبّ قنية ثَابِتَة أفضل كثيرا من الْأَشْيَاء الَّتِي استخرجها ديونوسس وديميطر
قَالَ حنين يَعْنِي باستخراج ديونوسس الْخمر وَذَلِكَ أَن اليونانيين يرَوْنَ أَن أول من استخرج الْخمر ديونوسس ويومي الشُّعَرَاء بِهَذَا الِاسْم إِلَى الْقُوَّة الَّتِي إِذا غيرت المَاء فِي الكرمة أعدته ليَكُون الْخمْرَة وَالسُّرُور الْمُتَوَلد عَنْهَا فِي شرابها وَأما اسْتِخْرَاج ديميطر فالخبز وَسَائِر الْحُبُوب الَّتِي يتَّخذ مِنْهَا وَلِهَذَا نجدهم يسمون هَذِه الْحُبُوب بِهَذَا الِاسْم
وَقد تسمي الشُّعَرَاء بِهَذَا الِاسْم أَيْضا الأَرْض المخرجة للحبوب
وَأما اسْتِخْرَاج أسقليبيوس فيعني بِهِ الصِّحَّة وَهِي الَّتِي لَا يُمكن دونهَا أَن يفتني شَيْء من الْأَشْيَاء الَّتِي ينْتَفع بهَا أَو يلتذ
قَالَ جالينوس وَذَلِكَ أَن مَا استخرجه هَذَانِ لَا ينْتَفع بِهِ مَا لم يكن اسْتِخْرَاج أسقليبيوس مَوْجُودا
وَأما صُورَة الْكُرْسِيّ الَّذِي يقْعد عَلَيْهِ أسقليبيوس فصورة الْقُوَّة الَّتِي تستفاد بهَا الصِّحَّة وَهِي أشرف
1 / 36