الموضع الذي جمعتهما العلة فيه.
والجواب عن قولهم: إن التيمم لا يجوز -عندنا - قبل الوقت، فكذلك هو على أصولنا، ولكنه يؤكد أمر الوضوء؛ لأنه لما جاز أن يفعل قبل وجوبه كان إلى النية أحوج من التيمم الذي لا يجوز عمله إلا عند وجوبه.
والجواب عن قولهم: إن النية تدخل لتميز بين الأعمال المتفقة، فهذا سؤال ذكره أبو بكر الرازي، وهو عمدة لنا؛ لأن الوضوء لما كان يقع لتبرد وتنظف وتجديد طهارة، ويقع لرفع حدث احتاج إلى النية: لأن الصورة واحدة في جميع ذلك والأحكام مختلفة، ولما كان التيمم يدخل لاستباحة الصلاة صار كالشيء الواحد المستحق فلم يحتج إلى نية.
ثم دعواه إن التيمم يختلف لأجل الجنابة فليس كذلك؛ لأن صفته للجنابة كصفته للحدث، وإنما يختلف ذلك في الماء، فيكون الوضوء من الحدث، والغسل من الجنابة، وإن اراد أن الذي يوجب هذا غير ما يوجب هذا فقد يوجب الحيض عند انقطاعه الغسل وتوجبه الجنابة، وليس هذا هذا، وصفة الغسل فيهما واحدة؛ لأن الحيض له أحكام ليست للجنابة، فينبغي ألا يجزئ إلا بنية تميز بين الغسل الذي أوجبه الحيض والغسل الذي أوجبته الجنابة.
والجواب عن قولهم: إن الماء طهور والتراب ليس بطهور في نفسه -وهذا أيضًا ذكر الرازي - فنقول: كلاهما طهور في نفسه، قال
1 / 115